فلسطين أون لاين

​(إسرائيل) وغزة.. إدارة للأزمة دون حلّها

في الوقت الذي تزداد فيه المبادرات الإسرائيلية تجاه حلحلة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، يطرح السؤال حول مدى الجدية الإسرائيلية لتنفيذ هذه المبادرات، أو تطبيق بعضها، أو إبقائها مطروحة فقط في فضاء الإعلام واللقاءات الماراثونية مع هذ الضيف أو ذاك دون إخراجها إلى حيز الواقع.

عند الحديث عن الإدارة الإسرائيلية للأزمة الناشبة في غزة، وليس حلها، يعيدنا بالضرورة إلى تقديم قراءة واقعية في السلوك الإسرائيلي تجاه الواقع القائم في غزة، في ظل عدم حصول تغير إستراتيجي عليه، يتمثل بغياب أو تغييب حماس عنه من الناحية العسكرية، وبقاء الأسرى الإسرائيليين في قبضة الحركة، واستمرارها في عملية التعاظم العسكري، ما يجعل الكثير مما يقال من تسريبات أو مداولات حول التخفيف عن غزة، أقرب إلى إدارة الأزمة مع المجتمع الدولي من حلها.

صدقية هذه الفرضية تنبع من عدم حصول تغير جوهري على السياسة الإسرائيلية القائمة تجاه غزة منذ 2006، حيث فرضت (إسرائيل) الحصار على غزة، وأعلنت سياستها أن "غزة لا تحيا ولا تموت"، ولذلك ما الذي يجعل (إسرائيل) تبادر إلى التنازل عن هذه السياسة طالما أن العدو المسيطر على غزة لم يتنازل عن مبادئه وشعاراته التي يعلنها صباح مساء؟

أما عن تصدير الأزمة، فلم يعد سراً أن غزة باتت حاضرة بصورة دائمة في النقاش الإسرائيلي، إعلاميا وسياسيا وأمنيا وحزبياً، وباتت الحكومة في مرمى سهام انتقادات جميع هذه الأوساط، واتهامها بأنها تعجّل من اندلاع مواجهة عسكرية قادمة بسبب عدم اكتراثها بالكارثة المتفاقمة في غزة، مما يجعلها في حالة دفاع تلقائي عن النفس، وتظهر نفسها كما لو أنها تبادر وتقترح وتتقدم، في حين أن الرفض والتمنع والإحجام يأتي من غزة، وليس (إسرائيل).

ربما لا يخفى على الكثيرين أن الحكومة الإسرائيلية تشهد حالة استقطاب حادة بين المستويين الأمني والعسكري من جانب، والسياسي من جانب آخر، فالأخير لا يبدو في عجلة من أمره للتخفيف عن أهل غزة، وقد يغامر بإبقاء الوضع على ما هو عليه، حتى لو كان الثمن اندلاع حرب جديدة، يبدو أنه لا يرغب بها حاليًا.

في حين أن جنرالات الجيش وضباط المخابرات معنيون بنزع فتيل المواجهة مع غزة، وهم أدرى من الساسة، يرونه يقترب من حالة الانفجار كلما مر الوقت، مما يجعلهم متشجعين لتقديم أي مبادرة من شأنها إرجاء أي حرب قد تلوح في الأفق.

أخيراً.. بين إدارة (إسرائيل) لأزمة غزة، وتصديرها للخارج، فقد نبقى ندور في ذات الرحى من المبادرات الإعلامية والزيارات المكوكية والإعلانات الصحفية، دون أن تترجم واقعًا على أرض غزة، بانتظار ما قد تسفر عنه الجهود الأمريكية لفرض صفقتها القادمة، حيث تعد غزة في القلب منها.