ثلاث طعنات قاتلة لصفقة القرن يمتلكها الفلسطينيون، ثلاث طعنات قادرة على بقر بطن صفقة القرن، وتمزيق أحشائها، وقطع رأسها الذي يدبر تصفية القضية الفلسطينية.
الطعنة الأولى تتمثل في وقف التعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية، فلا يصدق الحديث عن مواجهة صفقة القرن في الوقت الذي تواصل فيه السلطة الفلسطينية تعاونها الأمني مع المخابرات الإسرائيلية، فالجيش الإسرائيلي الذي يحتل الضفة الغربية، ينام كل الليل على وسائد التعاون الأمني، دون أن يخطر على باله أن يرسل للمستوى السياسي في إسرائيل أي اعتراض على وجوده كمحتل، ودون أن يبدي أي تخوف على مصير جنوده، ودون أن يشعر بأي قلق على مستقبل مستوطنيه، الذين خضعت لهم البلاد، وهجعت الأرض ذليلة تحت نفوذهم.
إن عدم الاعتذار للشعب الفلسطيني عن مواصلة التعاون الأمني، رغم قرار المجلس المركزي الصادر قبل ثلاثة أعوام ليؤكد على مواصلة النهج الذي يشجع صفقة القرن، ويفرضها واقعاً قائماً على الأرض رغم كلمات الإدانة والرفض والشجب.
الطعنة الثانية هي رفع العقوبات عن أهالي قطاع غزة، وهذه الطعنة لا يقف تأثيرها عند عدم السماح لأمريكا وإسرائيل بالدخول إلى قلوب الناس في غزة من خلال البعد الإنساني، وإنما تأثيرها النفسي على المواطن الفلسطيني الذي سيشعر أن السلطة الفلسطينية قد تابت عن الذنوب، وتراجعت عن الخطايا، وتوضأت بالوطنية، وآمنت بقدرات الشعب الفلسطيني، وكفاءة الشباب في مواجهة غطرسة المحتلين، والاستهزاء بالمتآمرين.
إن مواصلة العقوبات على أهالي غزة هو جزء من صفقة القرن، بل العقوبات هي العمود الفقري للوضع الإنساني الذي تتسلل منه أمريكا وإسرائيل إلى قطاع غزة، لتطبيق صفقة القرن.
الطعنة الثالثة القادرة على جز رأس المؤامرة هي الوحدة الوطنية الفلسطينية الصحيحة والصادقة، والتي تقوم على الشراكة السياسية بين التنظيمات والقوى السياسية كافة، والعمل ضمن فريق عمل واحد، لا هدف له إلا خدمة الوطن، والتشاور في كل صغيرة وكبيرة، بما في ذلك الفصل بين السلطات، وعدم السماح لأي فرد أو تنظيم بالتفرد بالقرار السياسي الفلسطيني، وهذا يفرض على الجميع تفعيل المؤسسات الفلسطينية المنتخبة، وعلى رأسها المجلس التشريعي الذي يجب أن يكون الملاذ الأخير لأي موقف فلسطيني رافض لصفقة القرن.
دون تلك الطعنات الثلاثة القاتلة لصفقة القرن، فإن المخطط الإسرائيلي نافذ، والتحرك الأمريكي ماض، والدموع الغبية التي يذرفها المتعلقون بأستار الوطنية لا تغذي أشجار المواجهة، وكلمات الشجب والاستنكار والإدانة لصفقة القرن لا تخيف المحتلين، ولا تردع المتآمرين، وهم يعرفون أن الرفض اللفظي زائف وزائل، ولا قيمة له، طالما لا يترافق مع خطوات عملية في الميدان.