فلسطين أون لاين

​"الهشاشة النفسية".. اضطرابٌ ناتجٌ عن التوتر والقلق

...
غزة - هدى الدلو

"الهشاشة النفسية" مشكلة تصيب الكثير منّا، تجعل الفرد عرضة لأن تسيطر عليه المشاعر السلبية والأزمات النفسية، وتدفعه للتعلق بالآخرين، يظنّ أنهم يحبهم، بينما الحقيقة أن يعوض ضعفه من خلالهم.. ما هي الهشاشة النفسية؟، وما سبب سيطرتها على الإنسان؟، وإلى أين تصل به مخاطرها؟، وكيف يمكن أن يتخلص منها؟

التعلق غير الطبيعي

قالت الأخصائية النفسية أحلام سمور لـ"فلسطين": "الهشاشة النفسية هي أحد أنواع الأزمات التي تصيب نفسية الفرد، نتيجة لعدة عوامل وظروف قد يمر بها، مثل الشعور بالتوتر والقلق بشكل دائم، وعدم الثقة بقدراته في إدارة الأزمات والمشاكل التي تواجهه في الحياة العملية واليومية".

وأضافت: "وعادةً ما يترتب على الإصابة بهذه الحالة بعض الأمور التي تُدخل الشخص في مرحلة الإزعاج الشديد وكثرة التفكير، وفقدانه لبعض المشاعر، وكذلك يُلاحظ على من يعاني من الهشاشة النفسية تغير سلوكه وتصرفاته تجاه الآخرين".

وتابعت: "سبب سيطرة هذه الحالة على الإنسان هو التوتر والقلق الملازمين له نتيجة الضغوطات النفسية المتكررة التي يتعرض لها بشكل يومي، بحيث يشعر أنه لا يستطيع أن يواجه هذه الأزمات، أو أن يقوم بتحليلها والسيطرة عليها، بل يغلب عليه الشعور بانعدام القدرة على المواصلة أو المواجهة".

وأوضحت سمور: "يترتب على هذه الهشاشة التعلق غير الطبيعي من المُصاب بها بالآخرين، وبطريقة مزعجة لهم، بحيث يعتمد عليهم في كل شؤونه، وهذا الاعتماد عليهم هو ما يجعله يشعر بالارتياح تجاههم، وكذلك يعتقد الشخص الهشّ نفسيًا أنه يعتمد على شخص يمده بالقوة والصلابة النفسية التي تمنحه القدرة على المواصلة، وبذلك يعوض الضعف الموجود في شخصيته"، مشيرة إلى أن "التعلق بالآخرين يساهم في إشباع حاجاته النفسية واستعادة الهدوء النفسي النسبي لهذا الشخص".

وبينت أن مخاطر الهشاشة النفسية تصل إلى عدم قدرة الإنسان على الاعتماد على ذاته بدرجة كبيرة، وانصهار شخصية المصاب بها في شخصية الفرد الآخر الذي يعتمد عليه ويلبي جميع احتياجاته النفسية من خلاله.

وقالت: "بالتالي، فإن الهشاشة النفسية هي اضطراب في الشخصية يحتاج إلى معالجة حتى لا تسوء الحالة أكثر، والمعالجة ممكنة من خلال خطوات محددة، منها تحديد نقاط القوة لدى الشخص والعمل على تعزيزها وتقويتها، ودفعها بالاتجاه الذي يسمح له بالاعتماد على الذات في مواجهة الأزمات اليومية التي تواجهه".

الأهداف والمهارات

وأضافت: "لا بد من العمل على بث روح الإيجابية والقدرة على الاعتماد على النفس، والسير بخطوات معروفة في الحياة، فغياب تحديد الهدف في الحياة يؤدي إلى التشتت وشعور الشخص بعدم أهمية وجوده في المجتمع، وهذا ما يجعل الحالة النفسية له هشة ويؤدي إلى الضعف وعدم الثقة في النفس والدخول في متاهات تضره".

ونصحت سمور من يعاني من الهشاشة النفسية بأن يحدد أهدافه في الحياة التي يعيشها، والخطوات المهمة التي يطمح للإقدام عليها، ورسم طريق مساره في الحياة وعدم إطلاق النفس لهواها.

وأكدت: "ولا بد من العمل على توظيف المهارات، فلكل إنسان مهارة أو جانب معين يتفوق به عن الآخرين، وهذا الجانب قد يحتاج إلى تعزيز وتطوير من قبل الشخص لإبرازه والاستفادة منه، لذا يجب على من يعاني من مشكلة الهشاشة النفسية بأن يعزز المهارات التي يمتلكها وأن يداوم على تطويرها باستمرار، فهذا يعزز الثقة بالنفس ويعطي المكانة والحضور لهذه الشخصية بين الآخرين".

وختمت: "لا ننسى أن أي خلل في التركيب النفسي للإنسان يعود لأصل التنشئة وطريقة الأسرة في تربية أطفالها، لذلك ننصح الآباء والمربين بالحرص على توفير الأجواء النفسية الملائمة لتربية نفسية وجسدية وروحية مناسبة للأبناء، بحيث يتمكن هؤلاء الأطفال من شق طريقهم بكل ثبات عندما يصبحون وقت يحتاجون فيه لتحمل المسؤولية".