فلسطين أون لاين

البوصلة فردية


فادي قنبر (٢٨) عامًا، من القدس، أسير محرر، وسائق شاحنة كبيرة، قام الأحد ٨/١/٢٠١٧م بعملية دهس كبيرة لمجموعة من الجنود الصهاينة في مدينة القدس فقتل أربعة، وأصاب بجراح مختلفة خمسة عشر آخرين، ثم رحل شهيدًا إلى الله.

هذا هو الحدث بلا رتوش، وهو الأول في عام ٢٠١٧م، وربما لن يكون الأخير في هذا العام الذي نشهد بداياته الأولى، لذا علينا أن نفكر، وعلى العدو المحتل أن يفكر ألف مرة لماذا قام فادي قنبر بعملية الدهس، ومن ثم التضحية بحياته، رغم أن له زوجة وأولادًا؟!

نحن حين نفكر في الأمر ضمن رؤية شرعية أوجبت في حالة (جهاد الدفع) على كل مسلم ومسلمة القيام بما أوجب الله عليه، لا سيما وأن الأرض المحتلة فلسطين هي بيضة الإسلام، وبها ثالث الحرمين الشريفين، ومسرى رسول الله، وعليه نرى في فادي بطلًا من أبطال الجهاد وفلسطين، لذا رحبت حماس والجهاد بالعملية وباركتاها، وهذه المباركة لا تنفي عنها أنها عملية فردية بتفكير شخصي، وتنفيذ شخصي، لا يعلم عنه أحد، ومن هنا تأتي خطورتها في التفكير الصهيوني الذي يسمي هذه الصورة بالذئاب المنفلتة.

وحين يفكر العدو الصهيوني في العملية يفكر فيها بصورة أخرى مغايرة تمامًا، ويرى فيها عدوانًا قاسيًا على جنود أبرياء؟! لأنه يرفض أن يعترف بأن الاحتلال الغاشم هو السبب المباشر لكل أشكال المقاومة التي يمارسها الشعب الفلسطيني طلبًا للحرية. العدو لا يفكر في أخذ العبرة والدرس، بل يفكر في الانتقام، الانتقام من أسرة فادي قنبر، وأصدقائه، ونسي أن فادي كان ممن ذاقوا ألوانًا مختلفة من العذاب قبل أن يحرر من الأسر، وأن لديه ألف سبب وسبب للانتقام.

لو أحسن العدو التفكير في العملية، لاستخلص درسًا مفيدًا له، يقول بضرورة الانسحاب من الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧م، وإعطاء الفلسطينيين دولة قادرة على الحياة. العدو لا يفكر في هذا، وليس لديه استعداد للتفكير في هذا، لأنه لا توجد عنده قيادة شجاعة قادرة على تقييم منصف لفعل المقاومة الفلسطينية.

لقد أثبت الشعب الفلسطيني أنه شعب حيّ وأنه لا ينسى وطنه وأرضه وأن شبابه منغمسون في حب الجهاد من أجل الدين والتحرير بغض النظر عن الفصائل، وأنهم يملكون البوصلة الفردية التي توجههم نحو العدو لا عن يأس من الحياة كما قد يتصور العدو، بل طلبًا للحياة عند الله سبحانه، هذا الشاب يستحق أن يُدرس عن كثب، وبموضوعية لا تعرف عنجهية ليبرمان ونتنياهو وبينيت.