أكدت شخصيات مقدسية أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنفذ سياسة عنصرية متطرفة منذ عدة أسابيع بحق النشطاء والمسؤولين السياسيين والأكاديميين والصحفيين والكتّاب البارزين والشخصيات الاجتماعية والدينية في مدينة القدس المحتلة.
وقالوا في أحاديث منفصلة مع صحيفة "فلسطين"، إن السياسة الإسرائيلية تقوم على منع الشخصيات المقدسية بتنوع مسؤولياتها وصفاتها على ممارسة أي أنشطة اجتماعية أو ثقافية كانت في المدينة المحتلة، تحقيقا لأهداف سياسية "خطيرة" أبرزها الاجهاز التام على الوجه المقدسي الفلسطيني العربي، والإبقاء على الوجه اليهودي الخالص.
وكانت قوات الاحتلال وجهت استدعاءات لعدد كبير من الشخصيات المقدسية المشاركة في حفل جمعية الصداقة الفلسطينية – الروسية، الذي أقامته في القدس المحتلة الأسبوع الماضي احتفالًا باليوم الوطني الروسي، واعتقلت بعضهم بعد الاستدعاء، وأبقت على آخرين قيد الحبس المنزلي.
مشهد عنصري
ونقلت وسائل إعلام محلية خلال شهر رمضان الماضي مهاجمة قوات الاحتلال لإفطار جماعي لصحفيي مدينة القدس، وأخطرت مؤخرًا في سياق منفصل عددًا من الفنادق والقاعات العامة بحظر اقامة الأنشطة بداخلها لأي جهة كانت دون إذن مسبق.
وقال وزير شؤون القدس السابق، حاتم عبد القادر، وهو أحد الشخصيات التي جرى استدعاؤها من قبل الاحتلال، أول من أمس، إن دولة الاحتلال "ترسم مشهدًا عنصريًا جديدًا في القدس المحتلة لم يكن معهودًا بمنع أي نشاط للشخصيات المقدسية تحت أي صفة كانت داخل المدينة المحتلة".
وأوضح عبد القادر لصحيفة "فلسطين" أن الأسابيع الأخيرة في القدس المحتلة تؤكد أن الكثير من سياسات الاحتلال السابقة ورغم عنصريتها الكبيرة تغيرت للأسوأ، بحيث ما كان يمرر بصعوبة على الشخصيات المقدسية بات اليوم محظورًا.
ولفت إلى أن احتفال جمعية الصداقة الروسية الفلسطينية في فندق الامبسادور بالقدس والتي جرى ملاحقة العشرات من المقدسيين على إثرها لم يكن الأول، إذ نُظم احتفالات مماثلة في المدينة بنفس السياق ولم يجر ما حدث كما في المرة الأخيرة من ملاحقة مشاركيها.
وذكر عبد القادر أن جرى التحقيق معه بعد استدعائه، وقد ادعى محققو الاحتلال بأن إقامة هذا الاحتفال في مدينة القدس من شأنه أن يُكرس سيادة فلسطينية على مدينة القدس، ويمس بالسيادة الإسرائيلية على المدينة، مشددًا على أن الاجهاز التام على الوجه المقدسي الفلسطيني العربي، هو الهدف البارز لمنع أنشطة المقدسيين.
وسبق وأن احتجزت مؤخرًا وزير التربية والتعليم العالي في حكومة الحمدالله صبري صيدم، ونقلته إلى حاجز قلنديا العسكري بعدما كان قد وصل للمشاركة في احتفال تكريمي دعت إليه إدارة مستشفى "أوغستا فيكتوريا - المطلع".
أي مناسبة
وأشار الكاتب والمحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات، والذي جرى استدعائه هو الآخر، إلى أن مجرد حضور الشخصيات والقيادات المقدسية لأي مناسبة مؤخرًا في مدينة القدس، يعرضهم للاستدعاء والاعتقال والتوقيف والحبس المنزلي.
وأكد عبيدات أنه من الواضح أن منع الاحتفالات أو المشاركة في المناسبات والأنشطة الاجتماعية والثقافية يأتي في سياق مخطط إسرائيلي شامل لفرض السيادة المطلقة على مدينة القدس، ومنع المقدسيين من أيّ نشاط أو فعالية، تدلل برمزيتها على الهوية الفلسطينية الخالصة، حتى وإن كانت على شكل عشاء للصحافيين أو وجبة إفطار رمضانية أو بطولة رياضية.
وأضاف: "لربما في المستقبل تحتاج حفلة خطوبة أو عرس إلى إذن وترخيص من الإسرائيليين،وهذا التغول والتوحش على المقدسيين بشكل غير مسبوق وقيادتهم وشخصياتهم الاعتبارية والأكاديمية، هو نتاج الضوء الأخضر الأميركي باعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل السفارة الأميركية من (تل أبيب) إلى القدس ضمن ما يعرف بصفقة القرن".
فيما أكد الباحث المقدسي جمال عمرو على أن مدلولات الواقع تشير إلى تنفيذ الاحتلال لسياسية عنصرية غير معهودة منذ عدة أسابيع بحق شخصيات القدس البارزة والتي لها باع في تنفيذ أو المشاركة في الأنشطة المتنوعة.
وشدد عمرو على أن ما يجري من استهداف في المدينة المقدسة، يمثل الوجه الأكثر بشاعة للاحتلال، ومحاولة فرض "السيادة المطلقة" على القدس، وصولا للإجهاز التام على الوجه المقدسي الفلسطيني العربي والإسلامي.