حذّر مراقبون اقتصاديون من مساس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" أونروا" بحقوق اللاجئين في قطاع غزة، أو تأخير دفع رواتب موظفيها، مؤكدين أن ذلك سيفاقم من أوضاعهم الكارثية القائمة.
وحث هؤلاء، في أحاديث منفصلة لصحيفة "فلسطين"، أمس، الوكالة الأممية إلى ممارسة الضغط على المانحين من أجل سدّ العجز القائم بسبب تجميد واشنطن مساعدتها، واتخاذ إجراءات تقشفية ملموسة في نفقات مكتبها الإقليمي في الشرق الأوسط، والتي تعادل حجم الإنفاق على اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان.
وقال منسق الأمم المتحدة في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف خلال اجتماع لمجلس الأمن، مؤخراً، إن أونروا "ستخفض بعد أسابيع مساعداتها العاجلة لغزة وغيرها في المنطقة".
وأضاف: "في غزة، سيعني ذلك إرجاء دفع رواتب بعض موظفيها في تموز/ يوليو والبدء بتعليق عمليات أساسية تجريها الوكالة في آب/ أغسطس".
وقال المختص في الشأن الاقتصادي د. معين رجب، إن وكالة أونروا تطلق من حين إلى آخر نداء استغاثة قبل أن تصل إلى مرحلة العجز، وهذه الخطوة جداً مهمة وقد حققت نتائج جيدة في الفترات السابقة.
وأضاف رجب: يبدو أن أونروا فعلاً تأثرت من تقليص حجم المساعدات الأمريكية، وليس لديها خيارات لسد هذا العجز إلا بالطلب من الأعضاء الممولين بتغطيته، وهو ما ستقوله في مؤتمرها المزمع عقده في الخامس والعشرين من الشهر الجاري.
وأكد رجب أن اللاجئين في قطاع أكثر المتضررين من جراء تقليص خدمات أونروا ذلك أن القطاع يواجه أزمات اقتصادية معقدة، اشتدت بعد مرور أكثر من عام ونصف على عقوبات السلطة، وتواصل الحصار الإسرائيلي منذ أكثر من 11 عامًا.
من جهته، قال المختص في إدارة الجودة والمستشار في التحكيم الدولي وليد الجدي: إن المعضلة الأساسية التي تواجه أونروا هي سياسية، وبالتالي فإن توجها لتقليص أو إرجاء دفع رواتب عامليها وتقليص برامجها ليست حلًّا.
وشدد الجدي على ضرورة استفادة أونروا من الأموال المستثمرة في بنوك سويسرا لحين تخطي أزماتها المالية.
وقال: إن أونروا تستقطع نسبة 3-5% شهرياً من الراتب الكلي للموظف لديها كضمان اجتماعي، وتودعها في بنوك سويسرا، وتكون تلك الأموال لحساب الموظف حتى يصل إلى سنّ التقاعد.
وأضاف: هذه الاستقطاعات من كافة الموظفين كفيلة بتغطية مصاريف كبيرة من ميزانية الأونروا لحين تخطي أزماتها، داعيًا إياها إلى ترشيد النفقات التشغيلية في المكتب الإقليمي لها في الأردن.
وتابع: "إن رواتب الموظفين العالية خاضعة للسياسة وليس الاقتصاد، فالمكتب الإقليمي لإدارة أونروا الموجود في الأردن فإن رواتب العاملين فيه والمصاريف التشغيلية تعادل كامل الميزانية في مخيمات الشتات لدولتين هما سوريا ولبنان، أي أن 800 ألف لاجئ في كافة مصروفاتهم التشغيلية والإنسانية تعادل ميزانية المكتب الإقليمي وحده في عمان، وهذا يفسر لنا كم الفساد الإداري الممنهج".
سياسية وليست مالية
في المقابل، استبعد المختص في الشأن الاقتصادي عمر شعبان، أن تسد الدول المانحة العجز المالي لأونروا، وقال: "لا أظن أن الدول المانحة ستعمل على سد الفجوة بشكل كامل في ظل تجميد الدعم الأمريكي الذي يمثل نسبة عالية من موازنة أونروا، وفي ظل ضعف التمويل العربي".
وأضاف شعبان أن الضغط على أونروا يأتي ضمن السياق الدولي، وليس معزلاً عنه.
وتواجه أونروا أزمة مالية حادة إثر خفض الولايات المتحدة مساهمتها في موازنة أونروا.
وتعد الولايات المتحدة المساهم الأكبر لميزانية أونروا التي توفر مدارس وعيادات لـ5,3 ملايين لاجئ في الأراضي الفلسطينية والأردن ولبنان وسوريا.
كما أكد المختص في الشأن الاقتصادي د. رائد حلس، أن المساس بحقوق اللاجئين سيؤدي إلى تعميق الأزمة التي يعيشونها سواء في فلسطين أو الشتات.
وقال حلس: إن تداعيات تقليص خدمات وكالة الغوث ستكون كبيرة لا سيما وأن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم صعبة وبحاجة لزيادة الخدمات والبرامج المقدمة وليس تقليصها أو إلغاؤها.
وأضاف: كما أن المساس برواتب الموظفين يؤثر في طبيعة ومهام عمل الوكالة الأممية سلبيًا نتيجة غياب الحافز والدافع الأهم للموظفين وهو حصولهم على الرواتب التي تساعدهم في تأمين مستلزماتهم واحتياجاتهم المعيشية.
ومن المنتظر أن ينعقد مؤتمر للمانحين الاثنين المقبل في الأمم المتحدة هو الثاني في ثلاثة أشهر بهدف إيجاد مصادر تمويل جديدة لأونروا.