فلسطين أون لاين

​أبو عطايا "يزرع الحياة" في "قنابل الموت"

...
غزة/ هدى الدلو

منذ ذكرى يوم الأرض الفلسطيني، في الثلاثين من مارس الماضي، أصبحت الحدود الشرقية لقطاع غزة وجهته في كل يوم جمعة، يقصدها ليشارك في مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار، إذ آمن بوجوب تلبية النداء الوطني الذي دُعي له ككل الفلسطينيين في القطاع، فهي دعوة للجهاد والمقاومة السلمية كما رآها، فقد كان على يقين بأن دوره قد حان لتأدية الواجب تجاه الوطن، للتأكيد على أحقية الفلسطينيين بالأرض التي سُلبت من الأجداد، وللمطالبة بحق العودة إليها.

ضخامة أعداد قنابل الغاز المسيل للدموع التي يلقيها الاحتلال الإسرائيلي على المتظاهرين السلميين دفعته للتفكير في جمع بعضها للذكرى، ولكن فيما بعد فكّر في تحويل مخلفات تلك القنابل إلى أشكال أشبه بتحف فنية.. هذا ما يفعله أحمد أبو عطايا (47 عامًا) من سكان مدينة غزة.

خارج الصندوق

قال أبو عطايا في حديث مع "فلسطين": "استمرار مسيرة العودة بسلميتها جعل الفلسطينيين المشاركين فيها يفكرون خارج الصندوق، كل واحد منهم حسب مهاراته ومواهبه التي يمتلكها، فقد احتضنت أرض المسيرات العديد من النماذج المشرفة لتكون منارة لاستمرار ثورة الشعب، ولتخلق جوًا من التجديد والابتكار بعيدًا عن الروتين في الانتفاض في وجه المحتل الغاصب".

وأَضاف: "عندما قررت جمع قنابل الغاز أول مرة، لم أكن أضع في حسباني أن أصنع منها شيئًا، بل كان امتلاكها للذكرى فقط، ولكي أُحدث أحفادي فيما بعد عن الحدث الذي صنعه الشعب الفلسطيني الذي سيخلد التاريخ أمجاده وصموده في الاستمرار بمسيرات العودة حتى تحقيق مطالبه".

أبو عطايا الذي تعود أصوله إلى مدينة بئر السبع المحتلة، تنساب الدموع على خديه في أثناء مشاركته في المسيرة كل يوم جمعة وهو يطلق العنان لناظريه باتجاه تلك المدينة التي طالما حدثه عنها كبار العائلة، وما يزيد ألمه أكثر أنه لا يستطيع زيارة مدينته التي لا تبعد عن غزة سوى ثلاثة كيلو مترات فقط.

وبعد شهر ونصف من مشاركته في مسيرات العودة، فكّر باقتناء قنابل الغاز لصناعة شيء مفيد، ومن شأنه أن يوصل رسالة، فجمع الكثير منها، وبلغ عدد ما جمعه في يوم واحد 700 قطعة، فأنتج أشكالًا عديدة منها، كالسبح من القنابل الصغيرة، وأوعية لزراعة الورد والريحان من القنابل الكبيرة.

رسالة

وأوضح: "وبعدما طبقّت الفكرة، أخذت ما صنعته إلى مخيم العودة، وهناك نالت القنابل بشكلها الجديد إعجاب الكثيرين، وبدأ آخرون بجمع مخلفات القنابل من أجل صناعة أشكال أخرى خاصة بهم".

أبو عطايا يدرك تمامًا خطورة الإمساك بمخلفات قنابل الغاز واستخدامها نظرًا لطبيعة المواد السامة التي كانت بها، والتي ما تزال آثارها عالقة فيهـا، لذا فهو قبل أن يعكف على استخدامها في الأشكال الفنية، يعمل يعقّمها من خلال نقعها بالماء والصابون.

ومن خلال ما يقوم به، يعمل أبو عطايا على إيصال رسالة للعدو الصهيوني، كأنه يقول له: "إنك عدو لا تتوانى لحظة واحدة عن قتل الفلسطينيين، أنت تغرس لهم الموت، ونحن نزرع لأنفسنا الحياة".

وقال: "نحن شعب نحب الحياة ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، لذا نخلق الحياة من بين أنياب الموت، ولن نتنازل عن حقوقنا وأرضنا".