فلسطين أون لاين

​شكرًا بلقيس

...
بقلم/ أدهم شرقاوي


  • شكرًا بلقيس، من قصتكِ تعلمتُ أن الحيوانات في فطرتها وغريزتها السليمة أفضلُ من الناس وهم في الضلالة، قديمًا عندما نادى نوح الخلائق لتركب السفينة، لم يتخلف من الحيوانات أحد، في حين تخلف كثيرٌ من الناس، وفي زمنكِ ساء الهُدهد أن قومكِ يسجدون للشمس من دون الله، وما ساءكم هذا، وظللتم عليها عاكفين.
  • شكرًا بلقيس، من قصتكِ تعلمتُ أنَّ كلام الناس يخبرنا بمحتواهم، وأنَّ كل إناء بما فيه ينضح، «إنه من سليمان» أعجبكِ هذا التواضع، سليمان فقط، لا الملك، ولا السلطان، ولا حاكم الأرض، مع أنه ملك الدنيا بإِنسِها وجِنِّها وحيوانها وطيرها.
  • شكرًا بلقيس، من قصتكِ تعلمتُ أن الإنسان النبيل يُقدِّر اللطف، ويُعجَب بمكارم الأخلاق، وما أنبلكِ يوم قدَّرتِ لطف سليمان، وأُعجِبتِ بمكارم أخلاقه، وقلتِ لقومك: «إني أُلقيَ إليَّ كتاب كريم»!
  • شكرًا بلقيس، من قصتكِ تعلمتُ أنّ الرعية ليستْ قطيعًا يملكه الحاكم ويتصرف فيه كيفما يشاء، منذ آلاف السنوات أعطيتِ البشرية درسًا في احترام الرعية، وسماع رأيها، فقد جمعتِ قومكِ وقلتِ لهم: «ما كنتُ قاطعةً أمرًا حتى تشهدون».
  • شكرًا بلقيس، من قصتكِ تعلمتُ أن الحكام يتمايزون، منهم العادل ومنهم الظالم، وأنّ أفضل الحكام من استراحت به رعيته، وشر الحكام من شقيت به رعيته، «إنّ الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون»، وما أرسلتِ الهدية إلى سليمان إلا امتحانًا، تريدين أن تعرفي أيّ الملوك كان.
  • شكرًا بلقيس، من قصتكِ تعلمتُ أنه لا يستقيمُ أن يكون المرءُ عادلًا مع الناس ويظلم نفسه، وأن البعد عن الله أكبر مراتب ظلم النفس، ويوم عرفتِ هذه الحقيقة قلتِ: «رب إني ظلمتُ نفسي وأسلمتُ مع سليمان لله رب العالمين».
  • شكرًا بلقيس، من قصتكِ تعلمتُ أن الله إذا علم في قلب إنسانٍ خيرًا هيّأ له الخير، ولأنه (سبحانه) علم ما في قلبكِ أرسل لكِ الهدهد الذي لم يكن يجرؤ أن يغيب عن سليمان دون إذن.
  • شكرًا بلقيس، من قصتكِ تعلمتُ أن الحضارة ليست في العُري، رغم المال والسلطة والجاه كانتْ ثيابكِ طويلة ساترة، وعندما حسبتِ الصرح الممرد بالقوارير ماءً كشفتِ عن ساقيكِ لتعبري، حتى الساقان كانت قد سترتهما الملكة، منذ آلاف السنين أخبرتِنا أن الستر من أزياء الملكات.
  • شكرًا بلقيس، من قصتكِ تعلمتُ أن الإجابة الدقيقة تدلُّ على ذكاء صاحبها، فعندما سألكِ سليمان أهذا هو عرشكِ، قلتِ إحدى أذكى الإجابات في التاريخ: «كأنه هو»، لو قلتِ: «ليس هو» ما يستقيم لمن كان في مثل عقلكِ أن تجهل عرشها، ولو قلتِ: «إنه هو» ما يستقيمُ لمن كان في مثل عقلكِ أن يُسلِّم من أول مرة دون أن يتساءل كيف جاء العرش إلى هنا؟!
  • شكرًا بلقيس، من قصتكِ تعلمتُ أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، لم تأخذكِ العزة بالإثم، ولم يُعمكِ ملككِ عن نور الحق، تركتِ مُلكَ سبأ، لتصيري ملكةً مرتين: ملكة في الدنيا وزوجة نبي، وملكة في الجنة، والجزاء من جنس العمل.