فلسطين أون لاين

​لا تجعلي أولادك كل حياتِك

...
كتبت/ حنان مطير:

لو سألت إحداهنّ عن معنى التّضحية لوجدت الكثير من المواقف التي تسردها النساء، فهذه ترى أن عدم النوم من أجل أولادِها تضحية، وأخرى ترى أن حرمانها زيارة أهلها أو صديقاتِها أو جاراتها تضحية، وغيرهما ترى أن إرهاقها البدني لكثرة ما تنظف البيت من ورائهم يعدّ تضحية، والكثير من المواقف، فهل تلك في الحقيقة مواقف تضحية من الأم؟

المستشارة الأسرية "دعاء صفوت" من جمهورية مصر العربية ترفض أن تكون تلك المواقف وما يشبهها من ضمن مواقف التضحية، بل إن تلك الأمور بحاجة إلى بعض الإدارة والترتيب في الأولويات فقط لتكون طبيعية.

أما التضحية الحقيقية فترتبط بالمآسي، حيث الأمهات اللواتي يعِشنَ في المناطق المنكوبة مثلًا، أو أولئك اللواتي يعشن في ظروف مادية صعبة فلا تملك المرأة أن تأكل حدّ الشبع فتشبع أولادَها وتأكل ما يمنحها القليل من الطاقة كي تؤدي واجباتِها، والحديث لصفوت.

وتقول: "بقليل من إدارة الوقت والتعليم، وتعلّم أصول تربية الأولاد لن تشعر المرأة بشعور (التضحية) الذي لن يكون نتيجته إيجابية في الغالب".

تضيف: "الأم التي لا تعرف أن تقول (لا) هي نفسها الأم التي تقول عن نفسها بأنها (مُضحّية)، والتضحية ليست إيجابية في مواقف حياتِنا العاديّة التي لا تتطلب تضحية، بل هي مرتبطة بالانكسار، في حين أن الأبناء بحاجة لأمٍّ قويّة تساندهم، لا أم منكسرة".

وتلفت صفوت إلى أنه "من الخطأ أن يكون أبناؤنا هم حياتنا، والصواب أن يكونوا أولويةً في حياتِنا وجزءًا لا يتجزأ منها، لأنهم في النهاية سيكبرون وتصبح لهم حياتهم الخاصة، ويبدأ يتضح ذلك منذ دخول الأولاد مرحلة المراهقة التي يتوجهون فيها في الغالب إلى الأصدقاء، ثم الزواج بعد ذلك".

وتضرب مثلًا على ذلك بالقول: "لو قلّ الأكسجين في الطائرة فتكون التعاليم دائمًا موجهة إلى الشخص بأن يضع (ماسك) الأكسجين لنفسه أولًا، ثم يساعد الآخرين ثانيًا".

"فالتضحية المطلقة غير صحيّة، ومن تحترق لتشعل نفسها شمعةً لأولادِها فقد أخطأت وضاعت هي وأولادُها، وهي إن احترقت فلن تقدر على المواصلة والتقديم، وستصل في مرحلة ما إلى الانفجار إما في زوجِها أو أولادِها أو غيرهم، لأنها لن تجد من يُقدّر تلك التضحية بقدرِها في كل وقت" تضيف.

فالمرأة _وفق ما ترى صفوت_ تستحق حياة جميلة، وتلك الحياة لا تحتاج إلى أكثر من التوازن والحب، حب المرأةِ لذاتِها وتقديرها لها، الذي سينعكس بالإيجاب على أولادِها.