لا تزال الإجراءات العقابية التي تفرضها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة متواصلة، رغم تزايد الحراك الشعبي المُطالِب بضرورة رفعها، الذي جاب مدنًا عدة في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، وامتد إلى دول عربية أخرى.
ويحاول بعض قادة السلطة وحركة "فتح" امتصاص غضب الشارع الفلسطيني الرافض لاستمرار العقوبات، عبر إصدار تصريحات صحفية، تتنصل من خلالها من مسؤولياتها تجاه موظفيها خاصة وقطاع غزة بشكل عام.
ومن بين هذه التصريحات، ما قاله عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد، إن السلطة لا تفرض عقوبات على قطاع غزة، وفق زعمه، إنما (إسرائيل) هي من تحاصر غزة فقط.
وأضاف أن "الرئيس عباس ورامي الحمد الله (رئيس الحكومة)، أبلغونا أن صرف رواتب غزة والضفة والخارج سيتم مع بعضهم بعضا لشهر 6 بنسبة ما كان يصرف قبل 50%"، مشيراً إلى أن مشكلة قطع الرواتب منتهية، وفق قوله.
ويرى محللان سياسيان، أن تصريحات الأحمد متناقضة، وجاءت نتيجة ضغط الشارع الفلسطيني والرأي العام العربي المُنطلق مؤخراً، مشيرين إلى أن السلطة تشارك في حصار غزة كما (إسرائيل).
السلطة متورطة
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح بنابلس د. عثمان عثمان، إن السلطة متورطة في العقوبات على غزة، معتبراً أن محاولة التهرب من ذلك "أمر غير منطقي ويفتقر للمصداقية".
وأوضح عثمان في حديثه مع "فلسطين"، أن الأحمد حاول إظهار بعض المرونة في الموقف الفتحاوي تجاه غزة، في تزايد الالتفاف الشعبي والفصائلي ضد استمرار العقوبات، لافتًا إلى عدم مشروعية وأخلاقية ما تمارسه السلطة ضد القطاع من عقوبات.
وتوّقع أن يزداد الضغط الشعبي على السلطة في ظل فقدان مصداقيتها وشرعيتها في الشارع الفلسطيني، بسبب ممارستها العقابية ضد قطاع غزة.
وعّد عثمان، هذه التصريحات واستمرار العقوبات "تنكر لمسؤوليات السلطة تجاه غزة وموظفيها"، مشيرًا إلى أن الهدف من العقوبات "سياسي بامتياز".
فيما يقول المحلل السياسي مُحسن أبو رمضان، أنه لا يوجد أي مبرر لاستمرار الإجراءات العقابية المفروضة من السلطة على موظفيها في غزة.
ويقول أبو رمضان لصحيفة "فلسطين"، إن استمرار العقوبات ليست المدخل الملائم لتحقيق المصالحة، لافتاً إلى أن المدخل يكمن في استمرار الحوار وترجمة اتفاقيات المصالحة وآخرها في القاهرة العام الماضي.
انتباه صناع القرار
ويضيف أبو رمضان، أن الحراك الذي جرى في الضفة وغزة، أدى إلى انتباه صناع القرار اتجاه الإجراءات العقابية، والتي لا تلقى قبولاً شعبياً.
وأعرب عن أمله أن يتم تجاوز هذه الاجراءات بصورة سريعة خارج إطار التصريحات، وأن تترجم عملياً على الأرض.
وبيّن أن الراتب حق مكفول وفق القانون الفلسطيني، لذلك يجب عدم زج الموظفين في أتون الخلافات والصراعات الناتجة عن الانقسام، إضافة إلى تحييد القطاعات الأخرى عن الخلافات السياسية القائمة.
ولم يستبعد أبو رمضان، أن تكون تصريحات الأحمد "جدية" في ظل الحراك الشعبي الحاصل، وإدراك القيادة السياسية بضرورة مراجعة سياساتها وتجاوزها.
وأعرب عن أمله أن يتم وقف الإجراءات العقابية فوراً، في ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني وقضيته من مؤامرات دولية وإقليمية، وأبرزها ما تسمى بصفقة القرن.
ودعا إلى ضرورة وقف التحريض والتراشق الإعلامي بين الطرفين، وتوفير مناخات مناسبة، والعمل على ترجمة بنود اتفاق المصالحة، في ظل تلويح الاحتلال بشن عدوان على غزة.
وبين أن هذا الأمر يتطلب وحدة الحالة الفلسطينية، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني، وترتيب البيت الداخلي للتصدي للتهديدات الرامية لتصفية القضية.
تجدر الإشارة إلى أن عباس، فرض في نيسان/ أبريل عام 2017 إجراءات عقابية على غزة، شملت خصم أكثر من 30% من رواتب موظفي السلطة، وتقليص امتدادات الكهرباء، والتحويلات الطبية، وإحالة الآلاف إلى التقاعد المبكر الإجباري.