فلسطين أون لاين

كيف حالك بعد رمضان؟

أتذكر عندما كنت تهرع إلى المساجد بمجرد أن تسمع " الله أكبر.. الله أكبر"؟ أتذكر عندما كانت صلاة الفجر عندك كصلاة الجمعة؟ أتذكر عندما كنت تنافس وتسابق لتصل للصف الأول في صلوات الجماعة؟ أتذكر تلك الليالي الخوالي التي كنت تقف فيها بين يدي الله تعالى في صلاة التراويح وصلاة القيام والتهجد والاعتكاف؟ أتذكر كم كنت حريصاً على تلاوة القرآن وختمه وربما لمرات؟ أتذكر كم كنت تراقب لسانك وعينيك وتحافظ على انضباط سلوك وأخلاقك مع الناس حتى لو شتمك أحد الجاهلين؟ أتذكر صلة الأرحام والصدقات وبكاؤك وأنت تتضرع لرب العالمين؟

والآن.. وبعدما مضى رمضان، كيف حالك؟! كم صلاة فجر ضاعت عليك جماعة في المسجد؟ كم جزءاً من القرآن تلوت، أم ما زال مغلقاً منذ آخر ليلة في رمضان؟ هل أنت حريص الآن على صلاة الجماعة في المسجد؟ هل غيَّر رمضان فيك شيئاً أم عُدت كما كنت؟

أرأيت إنساناً عاقلاً بنى بيتاً كبيراً وبذل جهده وماله فجمّله وحسنّه ثم هدمه؟ أرأيت أطفالاً بنوا مسجداً من الرمال على شاطئ البحر ثم هدموه أو هدمته الأمواج؟ أسمعت بتلك المرأة الحمقاء الخرقاء التي كانت تغزل غزلاً جميلاً متيناً طوال اليوم وفي آخر اليوم تنقضه؟ أتقبل على نفسك أن تكون من هؤلاء؟

أَعلمُ بأنها أسئلة تؤلم هذا القلب المتقلب كما أَعلمُ بأن اللسان يخجل أن يجيب على الكثير منها.

سامحني أخي الحبيب.. سامحيني أختي الكريمة.. ربما كانت كلماتي قاسية، لكنها كلمات أصارح بها نفسي وربما أصارعها قبلكم.

لكن لا تيأسوا.. إن زلّت الأقدام قليلاً عودوا واثبتوا من جديد، فلكل جواد كبوة، ونحن بشر ولن نصبح ملائكة، لكن استمري أُخيتي .. استمر أخي الحبيب في مجاهدة نفسك ولا تطلق لها العنان، شد عليها اللجام وامتطي صهوة فرسك وانطلق من جديد.

تذكر دائماً قول حبيبك النبي عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام: " إذا أسأت فأحسن " . "وأتبع السيئة الحسنة تمحُها". وتذكر بأن الحسنة عند الله تعالى بعشر أمثالها والسيئة بواحدة، لكن احذر أن تكون من أولئك الأشقياء الذين غلبت آحادُهم عشراتِهم.

بالتأكيد لن نستمر على نفس الحال التي كنا عليها في رمضان، لكن رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: "أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومُها وإن قل". فعلينا أن نحافظ أولاً على الفرائض وفي المساجد ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً وخاصة الفجر والعشاء وتذكر بأن الله تعالى لا يقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة وأن أفضل شيء يتقرب به العبد لربه هو ما افترضه عليه ثم يستمر في أداء النوافل لينل بها محبة الله تعالى. علينا أن نتلوا ما تيسر من القرآن واحذر أخي الحبيب واحذري أختي الكريمة أن تكونوا من أولئك الذي سيشكوهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى الله تعالى قائلاً (( يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً )). أمَّا قيام الليل الذي هو شرف المؤمن وهيبته وعزته وثبوت قدميه في المحن والشدائد والفتن وقوام لسانه ونجاته من النار، فقد تذوقنا حلاوة ثماره، فهل نتركه تماماً أم نداوم عليه ولو بركعتين في جوف الليل؟ كما علينا أن نكثر من ذكر الله تعالى وخاصة أذكار الصباح والمساء وبعد الصلوات، ولا تنسوا صيام ستة أيام من شوال وأكثروا من التضرع إلى الله تعالى بأن يثبتنا على طاعته وأكثروا من دعاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "يا مقلِّب القلوب، ثبت قلبي على دينك".