فلسطين أون لاين

​كيف تدفع الحزن عن حياتِك؟

...
كتبت - حنان مطير

هل يمكننا أن نمنع الحزن عن حياتِنا؟ بالطبع لا، فإن الحزن واردٌ أن ينتابنا في أي وقتٍ وحين، وتلك هي طبيعة الحياة، وتلك هي النفس البشرية التي تملك الكثير من المشاعر، فكان لا بد وأن تستقبل الحزن كاستقبالها لأي من المشاعر الأخرى.

لكننا إن كنا غير قادرين على منع الحزن من مشاعِرنا فإننا قادرون على دفعِه، ومنعه من التحكّم بمصير حياتِنا وحياة أهلِنا وأطفالِنا ومستقبلِنا.

المستشارة الأسرية والتربوية هالة سمير توضح أن "الأكثر ابتلاءً في الدنيا هم الأكثر اصطفاءً عند الله تعالى"، وتربط الحزن الذي يعتري الإنسان في مواقف الحياة بحال قلب الإنسان وعقيدته فإن كان لديه سوء ظنّ بالله فإنه لن يفرح أبدًا، وسيبقى الحزنُ مخيمًا على كل مناحي حياتِه.

ووفق المستشارة، يبرّر الكثيرون حزنهم دائمًا بالقول: "اللي إيدو بالمية مش زي اللي إيدو بالنار"، وكذلك ترى الكثيرين يائسون من التغيير من حولِهم، ومستبعدون لتحقيق أي خطوةٍ أمامية فيظل الحزن ملازمًا لهم، فتسمع الأم المريض ابنها تسأل: "معقول سيُشفى وهو يعاني كل هذه المعاناة؟!"، وتجد المغترب يقول بيأس: "معقول يرجع الأمن للبلاد ونعود إليها؟!.. "معقول هذا الولدينجح وهو الذي لا يعرف كتابة اسمه؟".

وتعلق: "تلك الأمثلة وغيرها الكثير، لا تفسير لحال هؤلاء الأشخاص إلا أن قلوبهم تعاني من سوء ظنّ بالله، وكأن الله تعالى مالك الملك والكون غير قادر على تغيير الحال للأفضل!".

وتقول: "ما دام هذا هو حال القلب فإن الحزن سيبقى مسيطرًا على الشخص وعلى كل من حولِه". وتضيف أن الله تعالى يقول في كتابه العزيز: "قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ".

ولو تذكّر الإنسان كم من مصيبةٍ ومشكلةٍ كان يظنّ أنها القاضية وأنها لن تُحلّ أبدًا ثم حُلّت، أو انتهت على خيرٍ،لما جلس يومًا حزينًا، فلا يجب على الإنسان أن يكون جاحدًا أو منكرًا لما أعطاه له الله، فاليأس هادمٌ للحياة والأشخاص، وفق المستشارة سمير، فلا يجب أن نتركه يصل في قلوبنا حدّ الانهزامية والانكسار.

وتقول: "حين تكون حالتك النفسية إيجابية، وهذا لن يحدث إلا بحسن الظنّ بالله، فإنه لن يكسرك أحد، وسترى الحياة جميلة، وستجد ابتسامتك تزين وجهك ووجه أهلك وزوجك وأطفالك وكل من حولك، مهما كانت الظروف الصعبة متوالية عليك".

وتضيف: "فالنّكد والكدر إذن يأتي من الدّاخل، والإنسان هو من يستحضره أو يطمسه وقد راعى رسول الله تعالىالحالة النفسية للبشر فعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلمذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ ؟ قَالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي، وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وَقَهْرِ الرِّجَالِ، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي، وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي)".

وتتبع: "لذلك فإننا نرى أناسًا مهزومون منكسرون يرفضون الضحك والفرح وإن أتى إليهم، يستاء من رؤية المبتسمين ويهزأ بهم، ويكبر الامور ويعطيها اهتمامًا اكثر مما تستحق".

وتكمل: "أما المؤمن الذي لا يطوله حزن فهو الذي لا يترك نفسه للحزن، ويلقي بحمله على الله تعالى ويكون ظنّه به جميلًا حسنًا، والله تعالى يقول في كتابه العزيز: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)، ففي تلك الآية الكريمة تهييج لمشاعر المؤمنين لدفع الحزن والكدر".

كان النبي مهاجرًا مطاردًا ومعرضا للقتل، فكان حَسَن الظن بالله حين قال: "لا تحزن إن الله معنا"، لقد كان حسن الظن بالله سلاحَه الذي أنجاهم.

كذلك فإن الصلاة علاج فعال للنكد والحزن، فتستشهد المستشارة سمير لعلاج الحزن بقول الله تعالى في كتابه العزيز: "إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً* إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً* وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً* إِلَّا الْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ".