ويتحدثون عن “صفقة القرن”، وصفقة القرن لمن لم يفهم المقصود، أو ادعى أنه لم يفهم القصد لا تعني شيئاً غير تصفية القضية الفلسطينية، وتثبيت كيان الاحتلال الإسرائيلي فوق تلك الأرض العربية التي كان اسمها فلسطين، وسيبقى اسمها فلسطين، ولو أنكر العالم كله هويتها الأصلية وزور تاريخها ووجود شعبها فيها على امتداد الدهور.
“صفقة القرن” تعبير أطلق في البداية من البيت الأبيض في واشنطن، بعدما استطاع الرئيس الوعل دونالد ترامب تطويع أمراء النفط والغاز في الأرض العربية، على حسابهم، مدخلًا لإقناعهم بعبثية الشعارات "المتطرفة"، مثل: “تحرير فلسطين” و”القضاء على الكيان الإسرائيلي” و”تحرير كامل الأرض العربية”، و”التوجه إلى بناء دولة الوحدة العربية” ... إلخ.
أما “رئيس السلطة الفلسطينية ” فلم يكن له حق الاعتراض، وهو لو تمتع بهذا الحق لحالت ظروفه البائسة دون استخدامه، استخدامًا جديّاً وفاعلًا.
في “صفقة القرن” تتجاور تواقيع الملوك والأمراء العرب ورئيس حكومة العدو الإسرائيلي، تحت الرعاية الأميركية التي ربما غدت “دولية”، إذا استطاعت واشنطن إقناع “حلفائها” الغربيين بالتوقيع، ثم إذا تمكنت من إغراء روسيا بحصة لها في المنطقة العربية (هي بين يديها في أية حال)، فضلاً عن أنها قد وطدت علاقاتها بالكيان الإسرائيلي إلى الحد الأقصى، أخيراً، بذريعة حماية وجودها العسكري في سوريا.
لا مصر المكبلة باتفاقات العار في كامب ديفيد قادرة على الاعتراض، ولا سوريا الغارقة في دمها بسبب الحرب فيها وعليها، أما العراق فمشغول بنفسه، وغيابه عن “مسرح العمليات”، وإن ظل قادراً على إعلان رفضه، ولو موقفًا مبدئيًّا.
وأما باقي العرب فإن همومهم الداخلية أثقل من أن تترك لهم هدأة للتفكير بفلسطين.
المهمة ثقيلة وجليلة، لكن فتية غزة قادرون على أن يكونوا رأس الحربة، وبعدها سنشهد نهوضاً عظيماً قد يطيح بأنظمة عدة.
ولسوف تشرق الشمس من جديد، وهذه الأمة تشيع “صفقة القرن” ومعها الخونة من المتبرعين بتوقيع التنازل عما لا يجوز التنازل عنه، لأنه أغلى من الحياة.