فلسطين أون لاين

​هل طفرات الذكاء الاصطناعي تهدد عقلنا البشري؟

...
بقلم / د.ناجي شكري الظاظا

لا شك أن الذكاء الاصطناعي اليوم هو عصب التطور التقني، فمحرك البحث جوجل وشبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك يعتمدان بشكل كلي على هذا العلم.

ولعل تعبير مؤسس شركة مايكروسوفت "بيل غيتس" عن قلقه من ذكاء الأجهزة، ورغبته بأن تبقى غبية بشكل أو بآخر؛ ليس حالة استثنائية! بل إن آخرين -من أمثال المخترع الأمريكي "إلون موسك"- يرونه من أعظم المخاطر التي تهدد الوجود البشري، حتى إنه يذهب لأبعد من ذلك بتحذيره من أنها ستكون قادرة على تطوير نفسها ذاتياً.

كل ذلك ولا شك يتماهى مع أفلام الخيال العلمي، التي صورت الآلات الذكية على أنها وحوش ذكية، ستتجاوز سلطة الإنسان لصالح "أهدافها الذاتية"، بل إن "تورنتو هينتون” الباحث في مجال الذكاء الاصطناعي لدى جوجل يؤكد أنها ستنافس ذكاء الإنسان خلال خمسة أعوام!

رغم مكانة كل أولئك الذين يخوفوننا من الأجهزة الذكية، والآلات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ومع استحضار الطفرات العلمية التي قد تجعل من الأجهزة الذكية منافساً للإنسان في أداء بعض أعماله، لكنها لا يمكن أن تصل إلى مستوى يتفوق على الإنسان كلياً. فقد يقدم الذكاء الاصطناعي حلولاً تساعد الإنسان على تفسير بعض الظواهر الطبيعية أو القدرة على تحليل مليارات الصور بسرعة تتجاوز قدرة الإنسان، بل قد يجعل الذكاء الاصطناعي من محركات البحث وشبكات التواصل الاجتماعي مفكراً بديلاً عن الإنسان؛ لكن كل ذلك لا يتم خارج "الخوارزميات” التي تمنح الذكاء لتلك الآلات والأجهزة.

لا يمكن مقارنة ذكاء الإنسان بذكاء الآلة، ولا يمكن أن يمنح الذكاء الاصطناعي الفطنة للآلة! بل إن ما يقوم به الدماغ البشري في 1 ثانية استغرق 40 دقيقة باستخدام 83 ألف حاسوب فائق السرعة لمحاكاة 1% من الثانية للعقل البشري. وفي تجربة أعلنت عنها شركة جوجل عام 2012 توصلت نتائجها إلى أن الذكاء الاصطناعي استطاع محاكاة عقل الإنسان والتعلم ذاتياً بنسبة 70% مقارنة بتجارب سابقة.

ويذكر أن تجربة جوجل قد استخدمت فيها 1000 جهاز حاسوب توفر 16 ألف نواة للمعالجة المركزية عبر شبكة عصبية تحتوي على أكثر من مليار وصلة تحليل؛ فيما يحتوي الدماغ البشري على 200 مليار خلية عصبية متصلة مع بعضها بعدة تريليونات من الموصلات العصبية، كل موصل لديه 1000 خيار من مسارات التوصيل!

صحيح أن الطفرات التقنية لم تكن ضمن توقعات الإنسان، إلاّ أن الإنسان هو صاحب الأرض ومالك المعرفة، وسيبقى القادر على تطويعها لخدمته. غير أن الخوف دائماً من الاستخدام السيئ والتوظيف الشرير. وهذا ما كان من شأن مادة الديناميت التي كانت أكبر خدمة للتنقيب في المناجم، فأصبحت مادة القتل الأولى.