الصلاة هي أهم عمل يقوم به المرء في هذه الحياة فلا تصح أعماله إذا لم تصح صلاته، لأنها هي العلامة الفارقة بين المؤمن والكافر، لذا من الواجب تعلم أداء الصلاة للوصول إلى المستوى الذي يريده الله.
لكن ثمة أخطاء يقع فيها المصلون في صلاة الجماعة والتي تفسد صلاته ولا يؤجر عليها أو يكون مكروهًا فعلها، في التقرير التالي نرصد بعض الأخطاء ونبين رأي الشرع فيها ومع توضيح صحيحها.
بعيد عن الصف
يتساءل البعض عن صحة تصرف بعض المصلين في صلاة الجماعة، حيث يأتون متأخرين ومن ثم يدركون الإمام وتكتب لهم صلاة الجمعة، أو أن يفترش البعض سجادة الصلاة في مكان قريب من المسجد ويصلون؟
بين الأستاذ المساعد في كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية د.عاطف أبو هربيد, أن من ضمن شروط صلاة الجماعة هي امتداد الصفوف، وتصرف هذا الرجل على الأرجح يأتي من باب إتيان الركعة الثانية ليدرك صلاة الجمعة وبنية الاقتداء بالإمام، ولكن هذا مكروه لكن صلاته صحيحة، والأصل أن يبادر المصلي بالحضور إلى المسجد حتى قبل أن يخرج الإمام إلى المنبر حتى يأخذ الأجر والثواب.
وعن إحداث المصلين صفا جديدا قبل إكمال الصف المقدم، أجاب أبو هربيد: "فعله لا يضر في الصلاة ولكنه مكروه، الجماعة أن يصلي المسلم في الصف, يغطي الفراغ ولا يصح أن يصلي منفردا وينقص من أجره وثوابه".
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله)2.
وأضاف: "على المصلي ألا يترك فراغًا بينه وبين من جواره فراغًا، حتى لا يوغر ذلك الشيطان في النفوس، ويؤول موقفه تأويلات غير مستساغة ويخلق الفتنة بين المسلمين".
مسابقة الإمام
وهناك خطأ ثالث يقع فيه بعض المصلين مسابقة الإمام ومساواته بأفعال الصلاة، بين أبو هربيد, أن الأصل بأن يقتدي المأموم بالإمام بمعنى أن يتحرك مع حركات الإمام ويوافقه بانتقالاته إذا كبر وإذا ركع وسجد، لا بد أن يشتركا في جزء من الركن بحيث لا يسبق المصلي الإمام.
واستدرك قائلا: "لكن الشافعية ذكروا حالة معينة لو كان الإمام قد رفع من الركوع والمأموم لم يكن قد أتم قراءة الفاتحة عليه أن يتمها ويركع ويرفع ولا يسبقه بثلاثة أركان".
الصفوف
وبالنسبة لرفض المصلين الوقوف في الصفوف الأولى، أوضح أن الصف الأول هو أفضل الصفوف في صلاة الجماعة لما له من أجر وثواب عظيم، ولكن وجود اعتبارات معينة كأن يكون الصف قريباً من باب المسجد لكنه مفتوح والجو شديد البرودة لا بأس إن ترك المكان وذهاب إلى صفٍ آخر.
فعن عائشة -رضي الله عنه- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف).
وأن يصر المُصلي على الصلاة في نفس الموضع في المسجد ولا يغيره، أفاد أبو هربيد بأن فعله لا يؤثم عليه ولكن هناك ثواب أكبر حينما يغير مكان صلاته في كل مرة، فكل موضع يصلي فيه يشهد عليه يوم القيامة سواء في البيت أو في المسجد، منبهًا على أنه يكره أن يطلب المصلي من شخص آخر أن يقوم من مجلسه ليجلس هو فيه.
وعن المصلين الذين يستمعون لخطبة صلاة الجمعة ولا يجلسون في الصف وجههم للقبلة، وبعضهم يجلس مقابل بعض ويتجاذبون أطراف الحديث، ذكر أن الأمر جائز ولكن مكروه والأولى ألا يذهب عنه الاجتماع، الأولى أن يستقبل القبلة يولي وجهه قِبَلها وهذا من قِبل تحقيق الأجر والثواب، استدبارها مكروه ويفقده الثواب.
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت فقد لغوت). رواه البخاري (892) ومسلم (851).
وعن اعوجاج الصفوف وعدم تسويتها، بين أبو هربيد أن المساجد تضع خطوطًا على فرش المسجد ليضبطوا المصلين، وإذا لم توفر بعض المساجد ذلك، يجب أن يحرص المصلي على رص الصفوف وتسويتها ويسد الفراغات حتى يؤجر على صلاته.
وأشار إلى أنه لا بأس إذا قام المصلي بجذب من بجانبه بيده ولا يؤثر في صحة صلاته والأصل أن ينتبه الشخص دون أن ينبهه أحد قبل البدء في الصلاة.
فعن أبي مسعود -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: (استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم).