فلسطين أون لاين

​حمدان عسعوس دماء على مائدة الإفطار

...
نابلس - خاص "فلسطين"

أيام قليلة مضت فقط تناولت فيها صحيفة "فلسطين" بعض أشكال معاناة سكان قرى جنوب نابلس خلال شهر رمضان المبارك، نتيجة هجمات قطعان المستوطنين وجنود الاحتلال الذين ينغصون حياتهم هناك، قبل أن تتجدد تلك المعاناة على أرض الواقع بجريمة جديدة كان ضحيتها أحد سكان بلدة بورين.

كعادته عاد المواطن حمدان زكريا عسعوس أحد سكان بلدة بورين مسرعًا الخطى إلى بلدته، بعد أن اشترى بعض أشكال الحلوى من القرية المجاورة "مادما"، وكله أمل أن يصل إلى مائدة الإفطار التي لا يفصله عنها سوى بعض مئات الأمتار والدقائق، حتى يلتحق بذويه على المائدة الرمضانية التي كانت تنقصه.

وفي محاولة من المواطن عسعوس لبلوغ قريته وبيته وأهله وأطفاله بأقصى سرعة ممكنة قرر أن يسلك طريقًا ترابية على أطراف "مادما" توصله إلى بلدته بورين، قبل أن يتفاجأ بمجموعة من جنود الاحتلال ينتشرون بين أشجار الزيتون ليباغتوه بعدة رصاصات، أصابت إحداها خده الأيمن وأدت إلى تمزقه، وأصيب بشظايا أخرى في يده لينقل بسيارة الإسعاف إلى أحد المستشفيات.

دموع وألم تجرعتهما عائلة عسعوس بدلًا من أن تمضي مائدتها الرمضانية كغيرها من العائلات الأخرى، بل إن الأمر لم يتوقف عند تلك العائلة، بل تحولت موائد سكان البلدة جميعًا إلى حسرة وألم على الواقع الذي وصلت إليه أمورهم، نتيجة بطش الاحتلال وجرائم المستوطنين التي قد تطال أيًّا منهم كما طالت المواطن عسعوس، كما يقول المواطن فادي قادوس أحد سكان القرية.

مصادر عائلية أكدت لـ"فلسطين" أن العناية الإلهية فقط هي التي حالت دون استشهاد ابنها؛ فموقع الإصابة يؤكد أن جنود الاحتلال عندما أطلقوا النار صوبه أرادوا قتله، وأن الرصاص المستخدم هو الرصاص الحي الذي يراد به القتل لا الإصابة.

وذكرت العائلة أن الجنود والمستوطنين الذين في المكان كان بإمكانهم أن يحذروا حمدان بمناداته أو إرجاعه، خصوصًا أنه كان يحمل أكياسًا وحلوى رمضان التي جلبها لعائلته، وفي أسوأ الخيارات كان بالإمكان إطلاق طلقات تحذيرية في الهواء، لا أن يطلق الرصاص الحي بنية القتل، على حد قولها.

وتصف العائلة الواقع الذي يعيش فيه السكان في قرى جنوب نابلس بالمرعب، وتتابع: "كل واحد من سكان القرى هناك من المحتمل أن يكون شهيدًا أو مصابًا أو أسيرًا، وكذلك الممتلكات إما بيت محروق أو حقل مستهدف أو سيارة مدمرة، نتيجة الهجمات والاعتداءات المتكررة شبه اليومية".

ويجلس الآن المواطن عسعوس على سرير الشفاء، بعد أن أحدثت رصاصات الاحتلال جرحًا غائرًا كبيرًا في وجهه، سيبقى شاهدًا على عنجهية الاحتلال وإجرامه، وسيبقى أطفاله وذووه يتذكرون تلك اللحظة التي أحيلت فيها مائدة رمضان إلى مأساة من الصعب نسيانها أو محوها من الذاكرة.