فلسطين أون لاين

​تيجان النور يتألقن في رمضان

...
غزة - شيماء العمصي

تعم الأجواء الرمضانية والروحانية بيوت الله, حيث الساحات الواسعة التي تتخللها أشعة الشمس ويغشاها النور الرباني وتحفها الملائكة, وبمجرد أن تطأ قدمك _عزيزي القارئ_ المساجد ترى من حولك حلقات التحفيظ المنتشرة في أرجاء قطاع غزة المحاصر، لتشعر باتساع صدرك وانشراحه, واستنشاق العطر والمسك الذي يفوح من أرجائها.

فهناك صوت يعلو على أي صوت, وهو صوت همهمة تلاوة القرآن ومدارسة الذكر التي تملأ الأجواء وتزيد من حالتها الروحانية الخاصة جدًّا.

وفي هذه الأيام المباركة من الشهر الكريم يزداد المترددون إليها من مختلف الأعمار، وخاصة الأطفال طالبين التبحر في علم الله وحفظ كلمات كتابه، "فلسطين" عايشت حلقة لتحفيظ القرآن للفتيات في المحافظة الوسطى.

مشرفة حلقات التحفيظ في المنطقة الوسطى سمية دويدار قالت: "تستقطب مراكز تحفيظ القرآن الكريم على مستوى الوسطى مختلف الأعمار، خاصة في شهر مضان، إذ تعمر بالراغبين في تعلم تلاوة القرآن الكريم وتجويده وحفظه، لتجعل قطاع غزة منارة لترتيل كتاب الله".

أكملت دويدار لـ"فلسطين": "أجواء حلقات التحفيظ رائعة بحلتها الإيمانية والروحانية على مدار السنة, لكنها تزداد روعة في شهر رمضان المبارك"، لافتة إلى وجود ما يقارب 30 مركزًا لتحفيظ القرآن خاصة بالفتيات في المنطقة الوسطى، وتتبع هذه المراكز وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.

وأشارت إلى أن أصغر مركز من هذه المراكز يضم ما يقارب 100 فتاة, وفي الإجازة تزداد الحلقات والأعداد لتفرغ الفتيات من الدراسة.

وقالت دويدار: "إن حلقات التحفيظ رافد مهم للمساجد طوال السنة، وتُعرّف الفتيات الجدد المسجلات في هذه الحلقات طريقة تلاوة القرآن الكريم وكيفية حفظه, لترغيبهن وتشجيع أولياء الأمور على الاستمرار طوال السنة في الحفظ".

وأضافت: "حاليًّا ينظم برنامج مخيم القرآن الصيفي لتثبيت القرآن الكريم من 10 أجزاء إلى 30 جزءًا", مبينة أن شهر رمضان هو مشروع تعليم للقرآن الكريم، لما فيه من الجاهزية العالية للنجاح متى ما أُحسِن استثماره: المكان والزمان والدافعية.

مسؤولة التحفيظ في مسجد القسام بالنصيرات نجيبة الدعاليس قالت: "تمتلئ المساجد والمراكز الخاصة بتحفيظ القرآن الكريم للنساء في الإجازات عامة، وفي رمضان على وجه الخصوص, وتكون الفتيات الصغيرات هن أكثر المترددات عليها", مشيرة إلى أن مسجد القسام تتردد إليه ما يقارب 120 فتاة مجتمعات في 5 حلقات تحفيظ.

وأكملت الدعاليس حديثها لـ"فلسطين": "إن العدد يزداد كل عام, ونشهد إقبالًا كبيرًا على المساجد، وخاصة في شهر رمضان, إذ تتمّ بعض الفتيات حفظ نصف القرآن، وبعض يحفظن القرآن كاملًا خلال الشهر الفضيل".

ولفتت إلى أن هذا العام شهد إقبالًا ملحوظًا, مقارنة بالأعوام السابقة، التي شن فيها على القطاع حروب شرسة، طال الاعتداء فيها بيوت الله، ودمرت جزءًا منها، ما أثر على أعداد الوافدات إلى حلقات القرآن.

الطفلة هناء أبو صبحة (10 أعوام) المسجلة في مركز لتحفيظ القرآن قالت: "أحفظ 9 أجزاء من كتاب الله"، معبرة عن حبها الشديد لحلقات التحفيظ وتشوقها إلى الذهاب إليها في شهر رمضان.

وأشارت أبو صبحة لـ"فلسطين" إلى التزامها في مخيمات التحفيظ والاشتراك في المسابقات الرمضانية لحفظ سور من القرآن الكريم, لافتة إلى أنها بدأت الحفظ منذ كانت في السابعة من عمرها، وكلها أمل أن تكمل حفظ كتاب الله.

وقالت: "أذهب إلى المسجد في كل يوم لأكسب الحسنات، ففي كل خطوة حسنة والحسنة بعشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء, وفي كل يوم أتعلم شيئًا جديدًا من تعاليم ديننا", متمنية على جميع الأطفال في مثل سنها ألا ينقطعوا عن ارتياد المساجد، وخاصة في شهر رمضان، والتمسك بحفظ القرآن الكريم.

ومن جهتها بينت ملك درويش (16 عامًا) التي تحفظ من كتاب الله 13 جزءًا أنها تداوم على الذهاب إلى المسجد في أيام رمضان، لمراجعة وتثبيت الأجزاء التي حفظتها، وتكمل الحفظ.

قالت درويش لـ"فلسطين": "القرآن كالصلاة سلاح المسلم في الدنيا, والإقبال الكثير على حفظ القرآن ما هو إلا تمسك بديننا الإسلامي، وهو صحوة عارمة طالت كل بيت وكل أسرة".