يقدمُ المواطن هاني الهندي بصورة دائمة إلى مخيم العودة المقام في بلدة خزاعة شرقي محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، بالقرب من السياج الفاصل عن الأراضي المحتلة عام 1948، ودون أي انقطاع، منذ إقامته في 30 مارس/ آذار الماضي، رافعًا مع زوجته وأبنائه الستة المشاركين معه علمًا فلسطينيًا لكل منهم.
وعلى وقع مشاركة المواطن الهندي (36 عامًا) في مخيم العودة، أصيب برصاصة في قدمه من جنود الاحتلال، ووقعت زوجته صريعة ثلاث مرات بعد استنشاقها الغاز السام المسيل للدموع، بينما ارتطمت قنبلة في ظهر ابنه "معاذ"، غير أن ذلك كله لم يحُل دون وصوله لمخيم العودة مع كامل أسرته.
وعلى تلة رملية مرتفعة صغيرة جرى تكوينها جوار مخيم العودة للوقاية من رصاص الاحتلال، جلس الهندي يرقب من بعيد تحركات الجيبات العسكرية الإسرائيلية، وهي تطلق قنابل الغاز والرصاص تجاه الشبان المتظاهرين، فيما ينظر بعيون ثاقبة ما بعد وقوف الجيبات حيث الأشجار والخضرة منبها أسرته: "هناك أراضينا.. هناك المجدل".
ورغم أن الهندي لم تطأ قدمه مدينة المجدل يومًا، أو شاهد بعينه شوارعها ومساجدها وأرضها، إلا أن حكاية عشق غرسها والده ووالدته في قلبه لم تنفك لحظة عنه، ويحلم أن يتحقق العودة إليها في الوقت القريب القادم.
"أحب المجدل، وأعشق ترابها، وهو ما يحركني وأسرتي يوميًّا وفي كل يوم جمعة للقدوم لمخيم العودة لأرقب بلادنا المحتلة والتي خلفها مدينتي"، يقول المواطن الهندي، ويشير إلى أن قدومه ورغم صعوبته بسبب عدد أسرته غير القليل، والمسافة الطويلة التي يقطعها من أقصى غرب المدينة حيث يقطن إلى أقصى شرقها، إلا أنه يصرّ عليه.
تلفت زوجته مالينا الهندي إلى أن "المجدل" حكاية يومية تسردها لأبنائها، وأن اليوم الذي ستعود إليها قارب بما تراه من إصرار في قلبها وقلب زوجها وأبنائها والمشاركين في مخيم العودة والمتظاهرين في وجه جنود الاحتلال غير آبهين من رصاصه وقنابله.
ولا يقف حد مشاركة الهندي في مخيم العودة للمكوث في خيامها أو تبادل الحديث حول سيرة البلاد وجمالها مع أبنائها، إذ إنها تصل قرب السياج الفاصل، وتلقي الحجارة على جنود الاحتلال وتشارك في إشعال إطارات السيارات "الكاوشوك"، وهو ما عرضها لاستنشاق الغاز المسيل للدموع أكثر من مرة وجرى نقلها للنقاط الطبية المنتشرة في المكان.
ولا تبدي أي خشية أو خوف من أن تصل مشاركتها في المخيم ونشاطها ضد جنود الاحتلال إلى الموت، وتقول: "لو استشهدت أنا وزوجي وأبنائي جميعاً لا بأس، فكلنا على درب الشهداء على أن نرجع حقنا ويتحقق حق العودة فهو حق مقدس".
وتمثل المجدل لدى طفلهما معاذ المدينة الأجمل على الإطلاق، فهي مدينة ساحلية تطل على البحر المتوسط، ورمالها صفراء ذهبية، قل نظيرها، اغتصبها الاحتلال، وتهدف مشاركته في المخيم إلى العودة إليها.

