فلسطين أون لاين

​والدة الشهيد الحمايدة: مستمرون حتى العودة يا "عائد"

...
رفح - ربيع أبو نقيرة

غاب "عائد" عن مخيم العودة شرق رفح جسدا، لكن صورته وروحه ما زالتا تتجولان بين المتظاهرين وتحلقان فوق خيام العودة المنصوبة على بعد أمتار من الأسلاك الشائكة على الحدود.

فوالدته التي كانت ترافقه في المجيء إلى المخيم قبل استشهاده، وتنتظر فراغه من مشاغباته السلمية على الحدود، ليعودا معا إلى منزلهم الكائن في حي الشابورة، ما زالت تأتي برفقة صورته إليه.

وارتقى عائد صالح الحمايدة (23عاما) أثناء الإعداد والتجهيز شرق مدينة رفح برفقة الشهداء هشام عبد العال وأمجد القطروس وهاشم كلاب في الرابع عشر من أبريل الماضي.

وتشارك والدة الشهيد الحمايدة، فريال الحمايدة (43عاما) في فعاليات مسيرة العودة شرق رفح منذ بدايتها بشكل دائم، لدعم الشباب الثائر ومساندتهم ورفع معنوياتهم، برفقة نجلها عائد، الذي غاب جسدا عن المشاركة بعد ثلاثة أسابيع من مشاركته.

ولا يحلو طعام الإفطار في أيام شهر رمضان المبارك، سيما في كل جمعة، إلا بتناوله بجانب صورة نجلها المعلقة أمام إحدى الخيام المنصوبة على مقربة من الحدود، والتي أصبحت مزارا لرواد المخيم يهنئونها بشهادته، ويثنون على صنيعه.

كما تؤدي الحمايدة مع عائلتها شعائر صلاتي العشاء والتراويح على أرض المخيم بشكل دائم.

ما كان يفعله عائد خلال مشاركته في المظاهرات السلمية شرق الحدود، يخبرها به أصدقاؤه الذين ألفوا وجهه ولم يعرفوا اسمه، وتفاجؤوا بصورته عندما شاهدوها لأول مرة في المخيم.

وتعلم الوالدة جيدا أن نجلها يتقدم الصفوف الأولى في المظاهرات ويقص السلك الشائك ويجلبه مع الشباب الثائرين إلى أرض المخيم، وهي تستقبله بحفاوة بعد مشاركاته الثلاث على مدار ثلاثة أسابيع.

استشهاده كان يوم السبت بعد الجمعة الثالثة؛ ذلك لم يثن والدته عن المشاركة في الجمعة الرابعة في المسيرة السلمية رغم مصابها الجلل وفقدها إياه، لتنهض منفذة وصيته بتوزيع الحلوى على جموع المتظاهرين.

وقفت الوالدة بعد توزيع الحلوى تنتظر الشباب الثائرين ليجلبوا لها السلك الشائك الذي كان يقصه عائد، فأوشكت الشمس على الغروب ولم يأتِ به أحد، فقالت لأصدقائه أين السلك الشائك، فبدت على ملامحهم علامات الحزن وانطلقوا إلى الحدود وجلبوا لها السلك، مؤكدين السير على طريق عائد نحو العودة إلى الوطن.

أما الجدول اليومي لعائد في رمضان وفقا لوالدته، فإنه يصلي الفجر ثم يخلد إلى النوم، ويصحو قبل أذان الظهر، ويذهب إلى المسجد يقرأ القرآن حتى العصر، ثم يتحولق بمجالس العلم بعد العصر، ويمارس لعبة الكرة الطائرة مع أبناء حارته، ثم يتناول طعام الإفطار ويعود للمسجد لأداء صلاة التراويح، ويحرص على الاعتكاف في المسجد في الأيام العشر الأواخر من الشهر الكريم.

الجمعة الأخيرة قبل استشهاده، ذهب عائد مع والدته إلى المخيم، فيم انتظرته هي عند انتهاء المظاهرات، وهي تعلم أنه سيأتيها وقد تزين وجهه بالخطوط السوداء وكأنه خرج من معركة -معركة الكوشوك-، لكنه تأخر هذه المرة، فاطمأنت عليه بسؤال أصدقائه عنه، وعادت إلى المنزل.

عاد هو أيضا إلى المنزل فقال لوالدته: لماذا عدت إلى المنزل بدوني، فقالت له: الحافلات كادت أن تغادر فلحقت بها، لكنني سألت عنك أصدقاءك وقالوا لي إنك بخير، وأعطيتهم كيسا فيه ملابس لك لتغير ملابسك، فرد عليها: الجمعة القادمة سنغادر أرض المخيم آخر المشاركين.

وتمر الأيام والأسابيع على ذكرى رحيله، فيما تواصل والدته المشاركة في مسيرة العودة في أيام شهر رمضان المبارك، وتؤكد "مستمرون في مسيرة العودة حتى العودة بإذن الله تعالى يا عائد".