فلسطين أون لاين

​باعة "جرجير" يكافحون قسوة الحياة لأجل اللقمة

...
غزة - نور الدين صالح

على مدخل سوق الزاوية وسط مدينة غزة، يقف الشاب رامي أبو خاطر (35 عاماً) خلف عربة صغيرة له، لبيع أصناف من الخضار التي يكثر عليها الطلب خلال شهر رمضان المبارك، وأبرزها "الجرجير".

"يلا يا جرجير، يلا يا نعنع" هكذا كان ينادي أبو خاطر، على القادمين إلى السوق، لترغيبهم بالشراء على "بسطته" الخشبية الصغيرة فوق العربة، التي يحاول من خلالها سد رمق عائلته.

وتتضمن "البسطة"، وفق أبو خاطر، عدداً من أصناف الخضار مثل "الجرجير، والجرادة، والبقدونس، والنعنع"، معتبراً إياها من أساسيات موائد إفطار الغزيين خلال شهر رمضان المبارك.

اعتاد الثلاثيني على العمل في مهنة بيع الخضروات منذ 15 عاماً، سيّما أنها تعتبر المصدر الأساسي لعائلته المكونة من خمسة أفراد.

وأخذ يستعرض الفوائد الصحية للجرجير للإنسان، مؤكدًا أنها تحافظ على صحة القلب، ومضاد فعال للسعال والبرد، وتحتوي على فيتامين(C) مع فيتامين (E)، والكثير من الفوائد الأخرى.

ولم يستبشر خيراً في كثرة الإقبال خلال شهر رمضان هذا العام، خلافاً للأعوام السابقة، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة، نتيجة اشتداد الحصار الإسرائيلي عليه، إضافة إلى عدم تلقي الموظفون رواتبهم.

ويقول لمراسل صحيفة "فلسطين": "الإقبال ضعيف جداً على شراء أصناف الخضروات الموجودة لدي منذ بداية رمضان، رغم وفرتها بكثرة وانخفاض أسعارها"، عازياً ذلك إلى عدم تقاضي الموظفين رواتبهم.

ويضيف: "ستزداد الأوضاع سوءاً، وينعدم البيع نهائياً، إذا استمر انقطاع الرواتب، وعدم وجود سيولة في القطاع"، لكّنه لم يفقد الأمل بقوله: "نأمل أن يكون رمضان هذا العام شهر خير وبركة".

ويشتكي أبو خاطر، من سوء الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها وعائلته، كونه لا يستطيع جلب قوت يومه من خلال هذه "البسطة"، "أوضاعنا سيئة للغاية ووصلت تحت الصفر"، وفق وصفه.
ويوجه أبو خاطر رسالة لكل الدول العربية والأوروبية والضمائر الحالية، يطالبهم فيها بضرورة التحرك، من أجل إنقاذ الوضع الكارثي في قطاع غزة، متسائلاً "إلى متى سيبقى المواطنين جائعون؟".

في سوق "الشيخ رضوان"، كان الشاب الآخر ويدعى عبد ماجد (20 عاماً)، يجلس خلف "بسطة" صغيرة لبيع "الجرجير، والفجل وبعض الأصناف الأخرى" وهو يترقب قدوم المشترين إليه، في ظل حاجة المواطنين لهذه الأصناف خلال شهر رمضان.

ويؤكد ماجد لمراسل "فلسطين"، ما ذكره سابقه، أن الإقبال ضعيف جداً في رمضان هذا العام، على عكس السنوات السابقة، حيث يكاد السوق يخلو من المشترين، على حد تعبيره.

علامات اليأس والبؤس كانت تخيم على محيا وجه ماجد، في ظل قلة إقبال الناس على الشراء منه، كونه هو المعيل لأسرته المكونة من 4 أفراد، مشيراً إلى أن قلة الرواتب هي السبب الرئيسي لضعف الإقبال.

ويقول بصوت حزين: "وضعنا في البيت صعب للغاية، ووالدي عاطل عن العمل، ولا يستطيع القيام بأي عمل أصلاً، نظراً لإصابته ببعض الأمراض، وهذا ما يزيد الأمور قسوة".

ويوضح أن المواطنين أصبحوا يقتصرون على شراء الحاجيات الأساسية لرمضان، ويستثنون "الجرجير" رغم أهميته وحاجتهم له على مائدة الإفطار، وهو ما عزاه لشراء كميات قليلة من الخضار، خلافاً للأعوام السابقة.

ويأمل ماجد، أن تتحسن الأوضاع المعيشية في قطاع غزة، ويُرفع عنها الحصار المفروض عليها، ويتم صرف رواتب الموظفين خاصة السلطة، "الذين يعدون المحرك الأساسي للأسواق"، وفق قوله.

ويكافح هؤلاء الباعة وغيرهم الكثيرين، قسوة الحياة وصعوبتها في قطاع غزة، في محاولة منهم لجلب قوت أطفالهم، من خلال هذه "البسطات" الصغيرة، خاصة في شهر الخير، الذي يكثر فيه الإقبال على كل الأصناف في الأسواق.

كما يأملون أن يتم رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، وصرف رواتب الموظفين، من أجل تحريك حركة البيع والشراء في الأسواق.