فلسطين أون لاين

إثارة الجدال بشأن رؤية الهلال

...
كتب - نبيل سنونو

لا يكاد يمر عام واحد، دون أن يثير بعض مسألة رؤية الهلال من عدمها في ليلة شهر رمضان المبارك.

هناك من النشطاء عبر موقع التوصل (فيس بوك) من تداول منشورات تعتقد أن الهلال ظهر ليلة 16 أيار (مايو)، لكن آخرين يعتقدون أن الهلال لم يظهر حينها، إذ كان اليوم الأول من شهر رمضان هو 17 من الشهر نفسه.

وهذا لا يقتصر على العام الجاري، فكلما حل الشهر الكريم أثار بعضٌ جدالًا من هذا النوع.

1 معدات

"نحن في فلسطين لا نمتلك معدات متطورة تمكننا من رؤية الهلال، لذلك نحن نتبع دولًا أخرى في هذا الأمر، وصحة صيامنا تستند إلى ذلك، لأنهم يعلنون رؤية الهلال من عدمه"، الحديث هنا للشاب الغزي صلاح مطر.

وفي الوقت نفسه يُرجع سبب الجدال الذي حصل في مرات عدة إلى مسائل تتعلق بحسابات الفلك في بداية شهر رمضان، لكنه يبين أنه لا يقتنع بهذا الموضوع، لأن الجهات الدينية تؤكد عدم وجود خطأ في بداية رمضان.

حتى إنه لا يشارك في هذه النقاشات لاعتقاده بأن من يثير أن إعلان اليوم الأول من رمضان كان غير صحيح لن يقتنع بغير رأيه، مهما ووجه بالأدلة، ويلفت إلى أن الصيام يكون برؤية الهلال، وهو ما تعتمده الجهات المختصة.

وبثقة تامة يقول مطر لصحيفة "فلسطين": "أنا مطمئن إلى صحة الصيام منذ اليوم الأول".

لكنه يقترح تشكيل لجنة إسلامية مشتركة يكون من مهامها إعلان رؤية الهلال من عدمها في جميع البلدان الإسلامية، دون أن يبدي ثقته بإمكانية تحول هذا الاقتراح إلى واقع في ظل الظروف التي تشهدها الأمة، متممًا: "نرجو الله أن يوحد كلمتهم".

2 أهل الاختصاص

"كل سنة نفس القصة"، هذا هو ما يستهل به العشريني الغزي بدر النخالة حديثه بعدما صمت لوهلة عندما سمع النقاش في وجود خطأ في رؤية الهلال من عدمه.

في دردشة مع صحيفة "فلسطين" يقول النخالة : "إن نشطاء في مواقع التواصل دائمًا يثيرون هذه المسائل في صفحاتهم عند بداية رمضان"، مضيفًا: "كل سنة بيحكولنا صيامنا بدأ بيوم خطأ".

ويرى أن حسم هذا الجدال يكون بأن تؤكد جهات الاختصاص عدم وجود خطأ في الصيام لما تثار هذه المسألة، لأنها هي الوحيدة المخولة أمر إعلان ثبوت هلال رمضان.

ومن وجهة نظره لابد أن يكون هناك المزيد من التوعية بشأن رؤية هلال رمضان وشروطها، وما يتعلق بذلك.

وهذا الشاب لم يتدخل يومًا في جدال بشأن رؤية الهلال، يقول: "لا أحب أن أتدخل في شيء لا أملك المعرفة به، وأترك أمره لأهل الاختصاص".

وفي 16 من أيار (مايو) الماضي، الموافق 30 شعبان، نشر نشطاء صورة تظهر منشورًا لأحد الدعاة يقول فيه: "ظهور الهلال الآن، هنيئًا لمن صام اليوم"، لكن ربما يتعلق المنشور بسنوات ماضية، وتداوله نشطاء على أنه حديث.

وتفاعل مُعلِّقون بين من صدّق ذلك، ومن امتنع عن الخوض في النقاش.

3 سعيد

عندما كان أبو فؤاد يشتري بعض حاجياته من سوق فراس العتيقة في غزة قبل يوم واحد من دخول شهر رمضان المبارك، سمع من أحد المارة الجدل في مسائل خطأ أو صواب رؤية الهلال.

سأله هذا الخمسيني الغزي _كما يروي لصحيفة "فلسطين"_ عن المصدر الذي استقى منه معلوماته، فقال له: "ناس بيحكوا".

وبمواصلة الحديث عرف أن مصدر المعلومة منشور في موقع التواصل (فيس بوك)، أصاب كثيرين بالصدمة عندما قال لهم إن هناك احتمالًا بأن يكون قد فاتهم يوم صيام.

لهذا يؤكد أبو فؤاد الذي بدأت التجاعيد تتسلل إلى وجهه القمحي أن الناس يجب أن يمحصوا ما يقرؤونه ما لم يصدر عن الجهة المخولة الإعلان.

"ويقين الصائمين بثبوت رؤية الهلال من عدمه الذي يترتب عليه إعلان اليوم الأول من رمضان يدخل الطمأنينة إلى قلوبهم" والحديث لا يزال له.

ويعود إلى الوراء سنوات، عندما دخل في حوار مع زوجته عما توارد إلى مسامعهم من فوات يوم صيام، إذ انتهيا إلى قناعة بعدم الانجرار وراء هذا الكلام ما لم يكن مشفوعًا بدليل شرعي، واتباع ما يعلنه المفتي.

ويرى أبو فؤاد أن من الواجب ألا يتحدث الإنسان بما لا يعلم، خصوصًا فيما يتعلق بقضايا حساسة، يقول: "إن من يتوافر لديه العلم أو الدليل فليقدمه إلى دار الإفتاء".

سمع الناس من حوله كلامه آنذاك، وكانوا يهزون رؤوسهم في دليل على الموافقة التامة على ما يقول.

بدأت ملامحه تتغير عندما رسمت ابتسامة نفسها على وجهه المدور كرغيف خبز، متممًا: "أحب أن أكون منطقيًّا وعقلانيًّا في كل الأمور، فما بالنا عندما يدور الحديث عن هلال رمضان، هناك مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق كل منا، أن يكون أمينًا في النقل، ومتفحصًا في الحقيقة، ولأنني متمسك بهذه القناعة أكون سعيدًا على الدوام".