فلسطين أون لاين

​ما كل هذه السرعة يا رمضان؟!

...
غزة - نبيل سنونو

كأن إعلان حلول الأول من شهر رمضان كان أمس، لكنه ليس كذلك، فقد تجاوزنا أكثر من نصفه، وها هو يتجه نحو الانتهاء.

دوافع الشعور بسرعة مضي أيام رمضان تختلف، لكن فيها روابط مشتركة، منها القيمة العظيمة لشهر رمضان في نفوس المسلمين، وحرصهم على أداء الطاعات.

وفضلًا عن ذلك تضفي أيام الشهر الكريم تغييرًا محببًا على نظام الحياة وتنظيم الأوقات، ويوحد الجميع في مواعيد الطعام، وصلاة التراويح، وترقب ليلة القدر.

وكلما مضى يوم واحد من رمضان انتاب الكثيرين شعور "الفراق"، لكن يسعفهم حرصهم على جعله محطة انطلاق نحو المزيد من الطاعات.

1 "خفيف جدًّا"

شاهر أبو حية طالب يدرس الإنجليزية، تزامن لديه هلال رمضان و"هلال" امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني.

"الصراحة أشعر أن رمضان يمضي سريعًا، مر أكثر من منتصفه على نحو لم أحس به" يقول أبو حية لصحيفة "فلسطين"، مضيفًا: "إن سبب ذلك قد يكون انشغالي في الامتحانات".

لكنه يذكر أن الشهر "خفيف جدًّا" حتى في صلاة التراويح، والوقت من أذان المغرب حتى السحور، الذي ينقضي بسرعة.

ويساعد على الشعور بذلك _بحسب ما يرى أبو حية_ أن الطقس في رمضان "لطيف" رغم حلوله صيفًا، يقول: "لم يمر سوى يومين كانا حارين، لكن بقية الأيام كان الجو جميلًا والصيام خفيفًا".

ولأن وقت الشهر "يهرول" هذا الشاب العشريني يحاول أن يستثمر كل أوقاته، وفي أيام الامتحانات يظل مستيقظًا بعد صلاة الفجر لقراءة ما تيسر من القرآن الكريم، ثم الدراسة ثلاث ساعات.

وبعد أن يأخذ قسطًا من الراحة يعاود أبو حية قراءة القرآن، ويتصفح موقعي التواصل الاجتماعي (فيس بوك) و(تويتر)، ويعود للدراسة مجددًا.

ينوي بعد الامتحانات "تعويض ما ذهب من الأيام"، والتركيز في قراءة القرآن والتزام صلاة التراويح والصلوات الأخرى في المسجد، وزيارات الأقارب والأصدقاء.

ولا يتابع أبو حية المسلسلات، لكنه قد يحضر أفلامًا تساعده على تعلم الإنجليزية.

في نهاية المطاف يدرك أبو حية أن خير استثمار لأوقات الشهر الذي سينقضي حتمًا هو الإكثار من قراءة القرآن، والتواصل مع الآخرين، والتعلم، لذلك هو يحرص على القيام بذلك، ويشارك أيضًا في نشاطات علمية اجتماعية.

2 مراجعات

يفرق الشاب أحمد الحسيني بين اليوم من رمضان وشهر رمضان، قائلًا: "إن اليوم الوحد يمر ببطء، أما الشهر ككل فيمر مسرعًا".

يفسر ذلك بأنه يشعر بطول النهار خلال العمل، لكنه يحرص فيه على قراءة القرآن الكريم.

أما سرعة رمضان بوجه عام فيقول: "إن من وجوهها أنه ليس هناك ليل، لا نستطيع أن نقوم بزيارات ليلية بالشكل المطلوب"، قاصدًا بذلك أن المدة بين الإفطار والسحور تمضي بسرعة.

ويسعى الحسيني إلى تنظيم وقته، فهو يتوجه إلى عمله من التاسعة صباحًا حتى السادسة مساء، وبعد الإفطار يتجهز لأداء صلاتي العشاء والتراويح، وصلة الرحم.

وليس رمضان فحسب الذي سينتهي، بل العمر كله يسير بسرعة، كما يضيف الحسيني.

لكنه يبين أن المسلم ينتظر الشهر الكريم، "ليراجع نفسه ويتغلب على أي تقصير عنده"، مشيرًا إلى أنه نجح في القيام بذلك في بعض الأمور، ومن ذلك تعزيز قراءة القرآن الكريم، وزيادة النوافل، وتخصيص جزء من الدخل للصدقات.

ينصح الحسيني نفسه والآخرين "بتحقيق الغاية من رمضان"، قائلًا: "إنها عمل كل ما يؤدي إلى رضا الله ومغفرته".

صمت لوهلة، قبل أن يقول: "رمضان فرصة للرجوع إلى الله، والتوبة من الذنوب".

3 هناك فرق

أم وائل غزية ستينية لا تزال تحرص على اشتراء حاجيات أسرتها بنفسها.

عندما كانت في السوق لاشتراء الطماطم والجرادة وأنواع أخرى من الخضراوات؛ بدا عليها الحرص على انتقاء أفضلها.

تجيب عن سؤال عن قضاء وقت رمضان: "منذ كنت طفلة رافقني الشعور بأن هذا الشهر هو الأسرع في الرحيل".

وتبين لصحيفة "فلسطين" أن حرصها على القيام بمهام متعددة في رمضان، منها: تعزيز العلاقات الاجتماعية، وتلبية رغبات الأسرة، وقبل ذلك أداء الطاعات كالصلاة وقراءة القرآن؛ يجعلها تسابق الوقت.

لا شيء أفضل من أن يعي الصائم قيمة الوقت في رمضان، كما تقول أم وائل، مبينة أن الشهر سينتهي لا محالة، لكن سيكون هناك فرق بين من استثمره، ومن فاته القيام بالأعمال الحسنة.

وإنْ كانت لديها نصيحة فهي تلك التي توجهها على الدوام إلى أبنائها وأحفادها: "لقد بلغنا الله رمضان هذا العام، ولا ندري أسنشهده العام المقبل، اعملوا ما في وسعكم من الخير، صلّوا، وقوموا، وزكُّوا، واقرؤوا القرآن، وأحسنوا إلى الآخرين".

وتتمم: "إن هذا الشهر الذي أنزل فيه القرآن هو شهر عظيم بكل ما للكلمة من معنى، أرجو أن يوفقني الله فيه إلى العمل الصالح، وأن يبلغني رمضان أعوامًا عديدة حتى أعمل صالحًا يرضاه (تعالى)"، ذلك قبل أن تمضي المسنة في طريقها، وتواصل الدعاء بكلماتٍ كأنما تخرج من القلب، لا الفم فحسب.