فلسطين أون لاين

​تعيش مع أسرة متواضعة جدًّا

من يؤمّن لي وظيفة تسندني؟

...
غزة - نسمة حمتو

في الوحدة التي تأكل الأجساد تجعلها هشة قابلة للانكسار في أي لحظة نفقد معنى الحياة، الحُب، والأمل، فكيف لو استيقظ طفلٌ صباحًا دون سماع صوت والديه، دون إعطائه قبلة الصباح وعناق المساء، هذه هي مُقومات الحياة لدى الكثيرين، ولكن هناك من الناس من يستيقظون وحيدين لا سند لهم، لا أب أو أم يضيئان عتمة الأيام البائسة، ولا يد تمسح عنهم عناء الوجع.

وجع الحياة

في حياة بائسة بدأت طفولتها يتيمة الأم والأب، ليس لأنهما فقدا الحياة بل لأنهما تخليا عنها منذ ولادتها، وتركاها وحيدة تقاوم وجع الحياة، تلك التي عاشت أيامها بائسة في أولى خطوات حياتها، في بداية تعلمها الكلام، في مُناغاتها، وأولى خطواتها في المشي، وفي أول يوم في رياض الأطفال، وأول سند عند دخول المدرسة.

في كل هذه كانت وحيدة، مع أن هناك من احتضنها وقدم لها المساعدة، لكنها في كل يوم تضع رأسها على الوسادة تتساءل: لما تركوني هكذا بلا أي ذنب، تُراهما على قيد الحياة؟

في قصة اليوم وجعٌ من نوع آخر، فتاة في بداية العشرينيات من عمرها "مجهولة النسب" لا تعرف شيئًا من تاريخ حياتها سوى دار الرعاية التي كانت تعيش فيها، إلى أن احتضنتها عائلة جديدة ضمتها إليها لترعاها بعد 3 سنوات من الفقد.

دار الرعاية

في سن الثالثة تحديدًا استطاعت (ن.ع) الخروج من دار الرعاية إلى منزل يعوضها عن حياة الفقد التي عاشتها ثلاث سنوات، كانت الحياة جديدة في البداية حتى اعتادت كل شيء فيها وأصبح لها أم وأبٌ بالتبني.

قالت (ن.ع): "الآن أصبحت معاناتي أكبر؛ فوالدي سنه 70 عامًا يعاني من مرض الزهايمر وسرطان البروستاتا والتبول غير الإرادي، ولا يستطيع المشي، ووالدتي (67 عامًا) تعاني من مرضي الضغط والسكر، وقد أصيبت بجلطة قبل مدة بسيطة، وهما يحتاجان إلى رعاية كاملة".

وأضافت والدموع تملأ مقلتيها: "والدي يحتاج بشكل دائم إلى علاج وحفاظات، ووالدتي كذلك، ولكنني _يا للأسف!_ لا أستطيع توفير شيء لهما، أقف عاجزة أمام متطلباتهما ولا أستطيع توفيرها، هذه العائلة لها فضل كبير عليّ، هي من احتضنتني وجعلتني جزءًا لا يتجزأ منها".

مساعدة الشئون

أكملت قولها: "أنهيت دراسة الجامعة، وبفضل الله تمكنت من الحصول على منح حتى أنهيت دراستي الجامعية، كُنا نعيش على ما نحصل عليه من مساعدة الشئون الاجتماعية، ولكنها للشهر الخامس على التوالي لم تأت".

ومضت بالقول: "كل شيء في منزلنا غير موجود، خاصة متطلبات الحياة من طعام وشراب، فوالدي يحتاج إلى غذاء خاص ولا أستطيع توفير شيء له، هناك الكثير من الأشياء أتمنى وجودها، ولكنني محرومة منها".

وقالت: "بفضل الله استطعت التأقلم مع الوضع، وأحاول تدبير أموري بالقليل، ولكن القليل الآن غير متوافر، هذه العائلة تعاملت معي على أنني أحد أفرادها، لم أشعر يومًا بغير ذلك وأنا معهم، أهم شيء أن الحب موجود لديهم، ولكن الفقر دائمًا يدمر كل شيء، يا للأسف!".

فرصة عمل

أضافت: "أيام الجامعة كنت أحاول قدر الإمكان تقنين المصروفات التي أدفعها فبدلًا من المواصلات التي تكلفني مبلغ كبير كنت ألجأ لباص الجامعة، وأنهيت دراسة السكرتارية الطبية"، مشيرة إلى أن وضع والديها صعب جدًّا، ولا تستطيع تركهما _ولو لحظة واحدة_ للبحث عن عمل من أجل مساعدتهما.

وتابعت حديثها: "سجلت في أكثر من مكان من أجل الحصول على عمل، ولكن _يا للأسف!_ حتى الآن لم أحصل على أي وظيفة، كل ما أريده هو الحصول على عمل أستطيع به أن أوفر الطعام والشراب لأسرتي".

وذكرت أنها لا تريد مساعدات عاجلة، بل تريد من ينظر إليها بعين الرأفة، وتجد عملًا تستطيع أن تسند نفسها به.