فلسطين أون لاين

نتائج عكسية للمقارنة بين الأطفال الصائمين

...
كتبت/ حنان مطير:

كلما همّت الصغيرة "ديمة" بإخبار والدتِها أنها تعزم على الإفطار نهار رمضان، بعد أن لم تعد تحتمل الجوع، رفضت والدتها الأمر، وأخبرتها أن ابنتَي عمّها الاثنتين تصومان اليوم كاملًا، وأنها تقدر أن تصوم مثلهما، خاصة أنها تقاربهما في السن.

تبقى الصغيرةُ صائمةً حتى نهاية النهار والجوع يأكلها، وأحيانًا كانت تفطر بقرارٍ من نفسِها حين تجد أن الأمر لا يُطاق، فتعنّفها والدتُها أنها لم تسألها ذلك ولم تستشِرها في الأمر، ثم من جديد تلومها كونَ ابنتَي عمّها تصومان أما هي فلا.

وكانت "ديمة" ابنة السنوات الثماني إذا ما سألتها إحدى بنات عمّها أصائمة هي أم مفطرة؛ تجيبهنّ بأنها صائمة، وإن كانت في الحقيقة مفطرة.

ماذا ترى الاختصاصية النفسية والإكلينيكية الأستاذة عايدة كساب في تصرفات الأم، وكيف تعلّق على قصتها مع ابنتها؟

كساب تلوم على تلك الأم تصرّفها، فيما يخصّ صيام تلك الطفلة غير المُكلّفة، وفيما يخصّ الرجوع لها في أمر الإفطار، وفيما يخص المقارنة بابنتَي عمّها.

فتقول: "القصة تحمل العديد من السلبيات التي وجب على الأم تلافيها كي لا تأتي النتائج عكسية، وهذا ما حدث، فالصيام لم يكن يومًا إجبارًا على صغير بل هو متابعة وتدريب، والطفل إن أُجبِر فإنه لن يحب الصيام يومًا، خاصة إن لم يكن قادرًا عليه".

أما المقارنة بين الصغيرات فهذه مشكلة أساسية؛ فهناك فروق فردية بين طفلٍ وآخر، فقد تجد صغيرًا في الثامنة قادرًا على صيام ثلاثين يومًا بلا جهدٍ كبير وطفلًا آخر غير قادر، ومن هنا من الخطأ الفادح أن نقارن بين الأطفال، وفق حديث كساب.

وتبين أن تلك المقارنة تغرس الغيرة بين بنات العم، وكذلك تبني حقدًا وغِلًّا ومشاجرةً وعدم محبة، فتكون الأم سببًا في خلق الكثير من التصرفات السيئة، وفقدان الكثير من العلاقات الجميلة التي تنمو وتترعرع حتى الكبر.

وقد لجأت الصغيرة إلى اتخاذ القرار بنفسِها حين وجدت أن والدتها لا تشعر بمشاعرها ولا تحس بجوعِها، فهي لم تُراعِ طفولتَها وعدم تكليفها ثم تلومها فيها بعد على عدم رجوعها لها في اتخاذ قرار الإفطار، لذلك وجب على الأم والمربّي عمومًا أن يكون حكيمًا في اتخاذ قرارِه، مهما بدا له بسيطًا.

والنتيجة السليبة الأخرى _وفق رأي كساب_ أن تلك الصغيرة باتت مضطرةً إلى الكذب على بنات عمّها، وإخبارهنّ أنها صائمة، خشية العواقب السلبية التي تتوقّعها من والدتها، كونها تقارنها بهنّ.

فالصيام لم يكن يومًا إلا تهذيبًا وتعليًما وتربيةً على أجمل الأخلاق وأعظمها، وإن لم يكن المربّي يسير وفق هذا فإنه لن يربي طفلًا سويًّا خلوقًا قادرًا على مواجهة المجتمع.