فلسطين أون لاين

السيد هاشم مسجد وشاهد

...
غزة/ عبد الرحمن الطهراوي:

يشهد كل حجر في مسجد السيد هاشم بن عبد مناف، الواقع وسط مدينة غزة القديمة، في حي الدرج تحديدًا، على عظمة تاريخه الممتد منذ أوائل القرن الثاني عشر الميلادي حتى عام 1855م، عندما جدد المسجد إبان ازدهار بناء العمارة الإسلامية التي تختص ببناء الأضرحة للأولياء والصالحين.

وترجع تسمية المسجد إلى هاشم بن عبد مناف، وهو الجد الأعلى للرسول الكريم الذي توفي في أثناء رحلة تجارية ما بين الجزيرة العربية وفلسطين، ومن المرجح أنه دفن في مغارة بجانب سور غزة القديمة، وهي الزاوية الشمالية الغربية من المسجد حاليًّا.

وكان السيد هاشم تاجرًا يزور غزة دائمًا، وخلال رحلته الأخيرة توفي ودفن في تلك المغارة، وفي أوائل القرن الثاني عشر الميلادي أزيلت المغارة وأحيط القبر بجدران تعلوها رقبة ثمانية الشكل مسقوفة بقبة كبيرة.


وفي عام 1855م قدم مفتي المذهب الحنفي في قطاع غزة أحمد بن محيي الدين الحسيني طلبًا للسلطان العثماني عبد المجيد الأول لإنشاء مسجد قرب قبر السيد هاشم، فاستجاب السلطان العثماني، وبنى بيتًا للصلاة قبل أن تتوسع أركانه لاحقًا.

ولمسجد السيد هاشم طابع معماري مميّز، يمتزج فيه عبق التاريخ مع قدسية المكان وقدم التصميم، إذ تقدر مساحة المسجد بنحو 2400 متر مربع, ويحتوي على أروقة ومعالم معمارية محكمة ومتقنة في بنائها ووصفها، ما يجعل القلوب تهفو إليه.

وألحقت بالمسجد الأروقة الجنوبي والشمالي والغربي التي يحملها تسعة عشر عمودًا رخاميًّا ومسقوفة بسبع عشرة قبة صغيرة وقبتين كبيرتين، وينتشر على طول تلك الأروقة أعمدة رخامية على الطراز "الكورنثي"، ويزين تاج العمود زخرفة محفورة من أوراق نبات "الأكانتس" و"الخرشوف".

ويأتي بيت الصلاة في الجهة الشرقية شبه مربع، وبه محراب يتجه نحو القبلة ومنبر، وتتميز جدران المسجد بالسماكة التي تصل إلى 90 سم، لتكون قادرة على حمل القباب الحجرية التي تعلوها.

ويحيط بساحة المسجد مجموعة من الغرف كانت عبارة عن مدرسة لتعليم المذاهب الإسلامية، إضافة إلى وجود مكتبة كانت تضم مئات الكتب والمخطوطات، ولكنها احترقت خلال الحرب العالمية الأولى، وتضرر المسجد بوجه عام بعد وقوع عدة انفجارات في داخله في أثناء الحرب.

يذكر أن طائفة دينية هندية تسمى "البهرة" كانت تأتي بوفود ورحلات سياحية تضم رجالًا ونساء وأطفالًا، وتمارس طقوسًا وعبادات، منها الدوران حول قبر السيد هاشم وإشعال الشموع، ولكن بعد انتفاضة الأقصى 2000م عزف أبناء الطائفة الهندية عن القدوم إلى غزة والمسجد، بسبب قيود الاحتلال الإسرائيلي.

في نهاية 2009م أعادت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية افتتاح مسجد السيد هاشم بن عبد مناف في غزة، عقب انتهاء عمليات ترميمه بتبرع من أبناء المرحوم يوسف محمد العلمي، بعدما تآكلت حجارة المسجد تآكلًا واضحًا.