فلسطين أون لاين

مبادرةٌ للترفيه عنهم والتخفيف عن الأمهات

لماذا يجمع "الزويدي" أطفال الحيّ يوميًّا؟

...
غزة/ بيت حانون- فاطمة أبو حية:

حياته داخل أسرةٍ ممتدة جعلته يلحظ معاناة النساء في شهر رمضان من إزعاج الأطفال في أثناء إعدادهن طعام الإفطار، هذه الملاحظة كانت حجر الأساس لمبادرة أطلقها ليزيح العبء عن أمه وزوجة أخيه، وعن نساء الحي جميعًا، واختار لها اسمًا عفويًّا: "لاعبهم خلّى أمهم تطبخ براحتها".

الشاب "حسن الزويدي" (٢٦ عامًا) من بيت حانون، يدرس حاليًّا اللغة العربية في كلية التربية بجامعة الأزهر، وسابقًا عمل منشطًا للأطفال ومدرب دبكة شعبية في جمعيات أهلية ودولية.

فئة مهمّشة

يقول الزويدي لـ"فلسطين": "علاقتي بأطفال الحي وطيدة بحكم خبرتي في التعامل مع الأطفال خلال عملي".

ويضيف: "أعيش في أسرة ممتدة فيها عدد من الأطفال، وفي رمضان، بعد العصر، تعاني أمي وزوجة أخي، من متطلبات أبناء أخي، خاصة مع انشغالهما بإعداد طعام الإفطار، وغالبًا تطلبان منّا أن نأخذ الصغار إلى خارج البيت".

يتابع: "العمل مع الأطفال قائم على الإنسانية البحتة، وهذا من أهم العوامل التي شجعتني على اختيار هذه الفكرة الإنسانية لأبني عليها مبادرتي"، لافتًا إلى أن فئة الأطفال هي الأكثر تهميشًا بحكم الكثير من العوامل، أهمها الوضع الاقتصادي المتدهور الذى يمر به قطاع غزة.

ويواصل: "اخترت اسم المبادرة دون تخطيط، وأخذته من هدفها، وهو الترفيه عن الأطفال خلال انشغال الأمهات في تحضير وجبة الإفطار".

بعد صلاة العصر، من كل يوم، يجتمع عشرات الأطفال أمام باب بيت الزويدي، ليستمتعوا بالأنشطة المختلفة التي ينفّذها لهم، ومنها الألعاب الشعبية ورواية القصة، وذلك في وقت يمتد من ساعة إلى ساعتين.

يقول: "أختار الأنشطة بناءً على أعمار الأطفال الموجودين، مثلًا: لو كانوا في المرحلة الإعدادية نلعب كرة القدم والكرة الطائرة وألعابًا حركية، أما الأطفال في المراحل الدنيا فأنفذ لهم نشاطات "البراشوت" والصيحات والألعاب الشعبية".

ويشير إلى أنه ينتقي الألعاب التي يحبّها الأطفال، ويوجهها لتكون مناسبة لتفريغ طاقتهم وانفعالاتهم الداخلية، لافتًا إلى أنه لا يستخدم أدوات مكلفة فيما ينفذه من أنشطة، وقد اكتفى باستعارة كرة و"براشوت" من جمعية متطوع بالعمل فيها، ويشاركه في تنفيذ المبادرة ابن عمه "خضر الزويدي"، لكونه يعمل في مجال الأطفال أيضًا.

الأطفال والأهالي

يبين الزويدي أن إقبال الأطفال على المشاركة في الأنشطة كبير، وأن عدد المشاركين يوميًّا 30 -40 طفلًا، ويتوقع أن يزيد العدد في الأيام القادمة.

التفاعل لا يقتصر على الأطفال فقط، بل الأهالي أيضًا، يقول: "الآباء والشباب يكونون في المكان، يشاهدون أبناءهم وإخوانهم في أثناء اللعب".

يضيف: "اطلعت على ردود أفعال بعض الأمهات، وأيضًا على التعليقات على المبادرة في مواقع التواصل الاجتماعي، وكلها كانت إيجابية، كما أمي وزوجة أخي سعيدتان جدًّا بخروج الأطفال من المنزل خلال هذا الوقت من اليوم بسبب انشغالهما".

أساسياتٌ لا كماليات

قد يرى بعض أن المبادرة مجرد ترفيه يندرج تحت بند "الكماليات"، لكن الزويدي يؤكد أن "الترفيه عن الأطفال من أساسيات الحياة، خاصة في ظل معاناتهم من الفقر والحصار والعدوان الإسرائيلي المتكرر، وعدم وجود مساحات ترفيهية آمنة ومرافق عامة في بيت حانون"، لافتًا إلى أن متنزه البلدية في بيت حانون حول إلى مركز إيواء بعد الحرب الإسرائيلية الثانية على القطاع، ولم يرمم ويعاد فتحه حتى الآن.

ويقول: "هذه الأماكن متنفس للأطفال يقضون فيها أوقات فراغهم، ليكونوا في مكان آمن بعيدًا عن الشوارع المليئة بالعنف والشجار وغيرهما".

يضيف الزويدي: "أن يتمتع الطفل بصحة نفسية جيدة أمرٌ مهمٌ جدًّا لبناء شخصيته وتطورها خلال مرحلة النمو".

ويتابع: "المسؤول عن ذلك بالدرجة الأولى الأسرة، وتليها المدرسة، ثم مؤسسات المجتمع المحلي".