فلسطين أون لاين

​20 متطوعة وألفا أسرة فقيرة

بريق عيون المستفيدين يشحن طاقة شابات "سنابل التطوعي"

...
غزة - فاطمة أبو حية

في شهر رمضان، قبل ثلاث سنوات، أطلقت ثلاث شابات العنان لأفكارهنّ لتقديم يد العون للمحتاجين، فنفّذن مبادرة لمساعدة عدد من الأسر المحتاجة في حيّ الشجاعية بمدينة غزة، وبانتهاء الشهر الفضيل لم تتوقف الشابات عن العمل، بل وسّعنه أكثر.

كان ذلك العمل البسيط نواة لولادة "فريق سنابل التطوعي"، ذلك الفريق الذي يتكون حاليًا من 20 شابة، ويقدّم خدماته على نطاق مدينة غزة بكاملها, وتعمل الناشطات فيه على مدار العام، وليس في رمضان فحسب.. فما المبادرات التي ينفّذها الفريق في رمضان الجاري؟ وكيف يتم توفير التمويل اللازم لها في ظل الظروف الصعبة التي يمرّ بها قطاع غزة بأكمله؟ ومع اتّساع رقعة الفقر، كيف تختار الشابات الأُسر المستفيدة؟ ولماذا تركّزن جهودهن على أسرٍ محددة؟

مبادراتٌ متنوعة

تقول فروانة: "بدأنا بمبادرة (سلة خضار)، كنّا نشتري الخضار من السوق ونتوجه إلى مسجد قريب منه، إذ لم يكن لنا مكانٌ نجتمع فيه، وكان عملنا يبدأ من الساعة السابعة صباحًا تقريبًا، لنتمكّن من توزيع الخضروات قبيل أذان الظهر، وقد كنّا آنذاك ننتج 20 سلة خضار يوميًّا، فيها ما يكفي الأسرة لأسبوع تقريبًا".

وتضيف لـ"فلسطين": "نجدد تنفيذ هذه الفكرة في شهر رمضان سنويًا، ثم نتبعها بمعرض الملابس في الأسبوع الثاني من الشهر الفضيل، نجهّز ملابس وأحذية، نعرضها في زوايا متعددة، وندعو نفس الأسر المحتاجة لانتقاء ما يناسب أفرادها من الملابس".

وتتابع: "ثالث مبادرات فريقنا تكون في نهاية رمضان، قبيل عيد الفطر، وفيها يتم إنتاج 100 كيلو جرام من الكعك والمعمول".

ويستمرّ العطاء إلى ما بعد رمضان، فالمبادرة الرابعة التابعة لشهر الخير، تكون في عيد الفطر، وهي تنظيم أيام ترفيهية للأطفال وتوزيع الهدايا عليهم، بحسب فروانة.

بعد التقييم

يُقيّم الفريق ما أنجزه، وفوائد ما قدمه للمحتاجين، وينظر في باقي احتياجاتهم، وبناء على هذا التقييم يتم إلغاء أفكار واستحداث أخرى، وعن ذلك تبين فروانة: "أكثر ما تستفيد منه الأسر هو مبادرة سلة الخضار، ويليها معرض الملابس، فهو فرصة لتوفير ملابس العيد للأطفال، ووجدنا أن مبادرة الكعك والمعمول تدخل السرور على قلوب المحتاجين".

وتوضح: "كنا ننفذ مبادرة (إفطار الصائم)، وفيها نعدّ وجبات الأرز والدجاج بأيدينا، ويكون العمل تحت إشراف طاهٍ متخصص، ونبدأ من الصباح ونستمر حتى المساء، ولكننا توقفنا عنها، لتلبية احتياجات أخرى أكثر فائدة للأسر الفقيرة".

وتشير إلى أن الفريق يخطط حاليًا لمبادرة تقوم فكرتها على تعبئة أسطوانات الغاز للأسر الفقيرة، وأخرى لسداد ديون الغارمين، إضافة إلى توفير بعض احتياجات البيوت مثل الإنارة والأجهزة الكهربائية.

وعن توفير التمويل اللازم لهذه المبادرات، توضح: "الأمر صعب للغاية، خاصة في الظروف الحالية، حيث اتسعت رقعة المحتاجين، وتراجع عدد المتبرعين، وصارت التبرعات شحيحة جدًا"، مبينة: "نجمع التبرعات من معارفنا بشكل شخصي، ونتوجه للمؤسسات، ولفاعلي الخير والمقتدرين ماديا، ونتوجه لأشخاص وجهات من الخارج أيضًا، وكذلك نستفيد من وسائل التواصل الاجتماعي لنعرّف الناس بالحملة ونطلب منهم التبرع".

وتلفت إلى أن عدد الأسر المستفيدة من خدمات "سنابل التطوعي" ارتفع من 500 إلى ألفين، فالفريق مستمرّ رغم نقص الأموال.

ومن المُلاحظ أن الفريق يقدّم خدماته للأسر ذاتها، فالأسرة الواحدة تستفيد من مبادرة "سلّة الخضار"، ومبادرة الكعك، وكذلك تحصل على احتياجاتها من معرض الملابس، فلماذا يقدم "سنابل التطوعي" خدماته بهذه الطريقة بدلًا من توزيعها على نطاق أوسع ليستفيد عدد أكبر من المحتاجين؟، تجيب فروانة: "نسعى لتغطية احتياجات الأسرة بشكل كامل، ليلمس أفرادها الفرق، ويشعروا أنهم حصلوا على كل ما يريدون خلال رمضان".

وتشير إلى أن الفريق يختار الأسر الأشد فقرًا ليقدم لها المساعدة، واختيار هذه الأسر يتم بعد زيارات ميدانية يقوم بها الأعضاء ليتعرفوا على وضع الأسرة عن كثب، ولتحديد احتياجاتها.

إناثٌ فقط

تتحدث فروانة عن أعضاء الفريق وأجواء العمل: "كنّا ثلاث شابات فقط عندما بدأنا العمل، واليوم نحن 20 شابة، أعمالنا مختلفة، فمنّا خريجات جدد، وموظفات، ومعيدات في الجامعات، وتخصصاتنا تتنوع بين الهندسة والعلاقات العامة والخدمة الاجتماعية وغير ذلك".

وتوضح: "كلنا نعمل كيدٍ واحدة، وكل منّا تعرف دورها، وتتقنه ليكون مكمّلًا لأدوار الأخريات، فالمهام موزّعة، هذه تقوم بالجولات الميدانية، وتلك تراسل الجهات الداعمة، وأخرى تتولى أمر الشؤون المالية".

وتبين: "نرى في أعين الناس سعادة غامرة، فتنعكس سعادتهم علينا، ونشعر أن تعبنا لم يذهب هباءً، وأن المستفيدين كانوا في أمس الحاجة لما بذلناه من جهد، ردود فعل المستفيدين من المبادرات إيجابية جدا، وهم يتواصلون معنا دومًا، ما يُشعرنا بضرورة الاستمرار".

سعادتهم هي الوقود الذي يحرك الفريق، فكما تقول فروانة: "هذا الشعور الجميل هو ما يدفعنا للاستمرار، ويشحن طاقتنا، ويمدّنا بالروح إيجابية، ويجعلنا نستعد لمواصلة العمل في اليوم التالي، ويدفعنا للتفكير في طرق جديدة للتخفيف عن المحتاجين".

وتضيف: "مما يشجعنا أيضًا، ويعطينا شعورًا بالتميّز، أن الفريق يتكون من الإناث فقط".

وتقول فروانة: "بدأنا بتقديم خدماتنا في حي الشجاعية، والآن توسع نطاق عملنا ليشمل مدينة غزة كلها، وقريبا سنتوسع أكثر ليمتد العطاء لكل أنحاء قطاع غزة القطاع، ونفكر بالامتداد لكل فلسطين".

وتضيف: "من المبادرات التي نفّذها الفريق سابقا، دفع رسوم "الاستمارة" لطلبة من الثانوية العامة، ودفع رسوم الجامعة لبعض الطلبة، وإنارة البيوت، وعرض منتجات نساء فقيرات لبيعها في بعض المعارض ليستفدن من عائدها المادي، ومؤخرًا نظّمنا حملة للتبرع بالدم لمصابي مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار".

وتواصل: "حاليًا، نتجه نحو الجانب التنموي وليس الإغاثي، لنوفر للأسر مصدر دخل دائم وليس مساعدة مؤقتة، ونفعل ذلك بإمكانات بسيطة، كتوفير آلة لإنتاج مشغولات الصوف والتطريز لسيدة قادرة على الاستفادة منها".