تسارع بعض الدول حول العالم الخطى خلف مصالحها السياسية وتوطيد علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، بتأييدها لخطوة الأخيرة نقل سفارتها إلى مدينة القدس المحتلة، في ظل صمت عربي واضح إزاء هذه التحركات.
ولحقت كل من غواتيمالا والبارغواي، ركب الولايات المتحدة بنقل سفارتيهما من (تل أبيب) إلى القدس المحتلة، فيما أعلنت وزارة الخارجية الرومانية السير على ذات النهج الشهر المقبل.
ورغم كل هذه التحركات التي تسعى لتهويد القدس، إلا أن الدول العربية لم تحرك ساكناً حتى اللحظة، سوى اكتفاء بعضها بإصدار بيانات شجب واستنكار، وهو ما اعتبره مراقبون "مؤامرة على مدينة القدس والفلسطينيين".
الباحث بالشؤون الفلسطينية في لبنان أمين مصطفى، رأى أن الولايات المتحدة لم تجرؤ على القيام بخطوة نقل سفارتها، إلا بعض أن ضمنت صمتاً عربياً وإسلامياً مؤيداً لها.
وأوضح مصطفى في حديث لصحيفة "فلسطين"، أن خطوة نقل السفارة قوبلت بأجواء باردة من بعض الدول العربية والإسلامية، وهو ما شجع دولاً أخرى تحذو ذات النهج.
ووصف الدور العربي بـ "المتآمر والمتواطئ" مع الولايات المتحدة والهرولة نحو التطبيع مع (اسرائيل)، مشيراً إلى أنه يأتي في سياق ما يسمى بصفقة القرن.
ورأى أن الصمت العربي جاء على خلفية التنازل عن قضية فلسطين بالكامل، والتخلص مما وصفه بـ "العبء" الذي تشكله على بعض الدول العربية والأوروبية، لافتاً إلى أن الصفقة تتضمن تهويد القدس والتنازل عنها، وإيجاد بدائل للفلسطينيين عنها.
وقال مصطفى: إن الدول العربية تعيش مرحلة في غاية السوء والتخاذل والهوان، سيّما أنها تتجاهل القضية الفلسطينية.
وذكر أن لحاق بعض الدول الصغيرة بنقل سفاراتها يأتي ضمن أسباب مصلحية لتوطيد العلاقة مع الولايات المتحدة، معتبراً إياها "خطوات ضئيلة لا يعتد بها على الإطلاق، رغم استغلال الاحتلال لها بشكل كبير".
مشاركة بالجريمة
ويتفق أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس "أبو ديس" د. أحمد فارس عودة، مع سابقه، قائلاً: "من يصمت على جريمة كأنما يشارك بها".
وشدد عودة في حديث لـ"فلسطين"، على ضرورة اتخاذ الدول العربية خطوات ملموسة على أرض الواقع، من خلال طرد سفارات الدول المؤيدة للولايات المتحدة من الدول العربية، واصفاً دورها بـ"الخجول".
وتابع أن "استمرار الصمت يدلل على أن هذه الدول تشارك بطريقة أو بأخرى في جريمة ضياع مدينة القدس المحتلة".
وأضاف "يجب على الفلسطينيين أن لا يعولوا على هذه الدول والجامعة العربية باتخاذ قرارات فاعلة، كونها لا تحرك ساكناً في القضية الفلسطينية وما يجري في القدس".
وأشار إلى وجود اتفاقية الدفاع المشترك العربية وقرارات قمم عربية سابقة، تنص على أن يتم إغلاق سفارة أي دولة تنقل سفارتها من (تل أبيب) إلى القدس، "لكّن الدول العربية لم تلتزم به"، وفق قوله.
وطالب عودة، الدول العربية بالقيام بدورها إزاء الشعب الفلسطيني وقضيته وما يجري في القدس، على غرار مواقف بعض الدول الأوروبية الرافضة للتحركات الأمريكية وجرائمها.
وكانت الولايات المتحدة نقلت مقر سفارتها من (تل أبيب) إلى مدينة القدس المحتلة، في الرابع عشر من أيار/ مايو الجاري، وسط تنديد فلسطيني وبعض الدول الأوربية الأخرى.