فلسطين أون لاين

​شرق غزة.. حيث يرسخ الفلسطينيون "ثقافة العودة"

...
فرقة الدبكة الشعبية تؤدي عرضاً في مخيم العودة شرق غزة (تصوير / محمود أبو حصيرة)
غزة - نبيل سنونو

كل فعل يؤدي إلى العودة؛ هذا هو حال الغزيين الذين تحمل تفاصيل حياتهم اليومية بصمة حقهم في الرجوع إلى أرضهم المحتلة سنة 1948.

حتى صلاة العشاء والتراويح يؤديها غزيون على بعد مئات الأمتار فقط من السياج الاحتلالي الفاصل شرق قطاع غزة.

أطفالا، رجالا، شيوخا، وحتى نساءً، يأتي الغزيون في أوقات مختلفة من اليوم لتلك المنطقة، حيث يؤدون الصلاة، وينظمون الفعاليات الثقافية والسياسية وغيرها.

يستخدم هؤلاء مختلف وسائل التعبير، من الكلمة والأنشودة والشعر والمسابقات، والهتافات، في تصميم واضح على إيصال الصوت الفلسطيني.

لم تتوقف هذه الفعاليات رغم استخدام الاحتلال الإسرائيلي العنف بحق الغزيين المشاركين في مسيرة العودة وكسر الحصار السلمية التي انطلقت منذ 30 مارس/ آذار الماضي، وقد أسفرت جرائم الاحتلال عن استشهاد وإصابة الآلاف منهم صحفيون ومسعفون.

بعد أن فرغ المصلون من أداء صلاة العشاء والتراويح، شرعوا بالاستماع إلى كلمة الحقوقي صلاح عبد العاطي متحدثا باسم الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، الذي قال: إن هذه الفعاليات تأتي وفاء للشهداء والجرحى، والتأكيد على مواصلة النضال واستمرارية الحراك السلمي للتشديد على أهدافه وعلى الثوابت الوطنية.

وأبلغ عبد العاطي الحاضرين بأن القضية الفلسطينية تهددها مخاطر التصفية، عبر ما يسمى الحلول الإقليمية تارة والاقتصادية تارة أخرى أو عبر ما يسمى "صفقة القرن" التي تعدها الإدارة الأمريكية، مؤكدًا أن اعتراف الأخيرة بالقدس المحتلة "عاصمة" مزعومة لدولة الاحتلال ونقل سفارتها إلى المدينة "يرقى لجريمة حرب وشراكة في جرائم الاستيطان الاستعماري التوسعي ومحاولات تصفية قضية اللاجئين من خلال تقليص تمويل وكالة الغوث ومحاولة إلغاء صفة اللاجئ المتوارثة والضغط على الدول للقبول بتوطين اللاجئين".

ويتزامن ذلك مع استمرار الحصار المشدد المفروض على قطاع غزة للسنة الـ11 على التوالي، الذي سبّب أوضاعًا لا إنسانية في قطاع غزة إلى جانب "استمرار العقوبات الجماعية وغياب الوحدة الوطنية الحقيقية"، بحسب عبد العاطي الذي يشير بذلك إلى الإجراءات التي تفرضها السلطة على القطاع منذ مارس/ آذار 2017.

عبد العاطي أعرب عن أمله في استعادة الوحدة على أساس الشراكة والتوافق الوطني الذي من خلاله يتم بلورة اتفاق على برنامج وطني واستراتيجية نضالية، كما أبدى أمله في التحاق الجميع بركب مسيرات العودة.

وما هي إلا دقائق حتى اعتلى أحد المنشدين المنصة، ليؤدي أنشودة: "الأرض بتتكلم عربي" الشهيرة في فلسطين.

وتفاعل الحاضرون بقوة مع الدبكة الشعبية التي أدتها مجموعة من الشبان الذين ارتدوا زيا تراثيا فلسطينيا، وسراويل خاصة بفرق الدبكة، وغطاء للرأس.

وخلال ذلك علا صوت التصفيق، على وقع الأناشيد الوطنية المؤكدة على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم المحتلة.

وإلى جانب هدف المطالبة بحق العودة، يتخذ الغزيون من التوجه لخيام العودة وسيلة لتعزيز التكافل الاجتماعي، والتعاون، وترسيخ الوحدة، وتعريف الأطفال بأرضهم، وقضاء أوقات ثقافية وغير ذلك.

ولم تخلُ الفعالية الثقافية من كلمة لرئيس اللجنة الثقافية يسري درويش، الذي قال: إن أبناء الشعب الفلسطيني جاؤوا ليؤكدوا ويجسدوا حقيقة العودة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحقيقة أن هذا الشعب المعطاء لا يمكن أن يتخلى عن حقه ولا يمكن أن يجبن أو يتراجع.

"الشعب الفلسطيني شعب الجبارين والشجعان الذين يجودون بأرواحهم من أجل فلسطين، ومن أجل كرامة الأمة العربية والإسلامية.."، أضاف درويش، منوها إلى أن "أمسية العودة الثقافية تؤكد أن الثقافة والكلمة والرصاصة يسيرون جنبا إلى جنب السلاح والبندقية التي تقارع المحتل".

وأدت فرقة الدبكة حركات استعراضية على وقع أنشودة "موطني" التي تتضمن كلمات تصف حال الشباب الفلسطيني "الذي لن يكل أو يمل همه أن يستقل".

"سوف تنتصر إرادة الحياة والأمل والثورة على جرائم الاحتلال والموت والحصار"، هذه هي الرسالة التي تحملها الفعالية الثقافية.

انتهت هذه الفعالية الثقافية، لكن مسيرة العودة وكسر الحصار لا تزال مستمرة، ومطالبة الفلسطينيين بحق العودة لن تتوقف حتى يتحقق؛ يؤكد المشاركون في المسيرة السلمية.