يغيب الأسير حسني محمد عيسى (36عاما) عن موائد الإفطار في شهر رمضان مع عائلته، للعام السادس عشر على التوالي.
السنوات الـ16 مرت بحزن وألم عميقين على العائلة، لتغيّبه القسري في سجون الاحتلال الإسرائيلي وزنازينه الانفرادية.
الأسير عيسى من سكان مخيم الشابورة في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، ولد بتاريخ 1- 3 -1983، واعتقله الاحتلال بتاريخ 7/7/2002، خلال تنفيذه عملية اقتحام لمستوطنة إيلي سيناي في شمال قطاع غزة قبل انسحاب الاحتلال منها.
وأصدرت محاكم الاحتلال العسكرية بحقه حكمًا بالسجن عشرين عاما بتهمة الانتماء لسرايا القدس والمشاركة في أعمال مقاومة ضد الاحتلال، أمضى منها 16 عاما متنقلا بين السجون الإسرائيلية وزنازينه الانفرادية.
ليس شهر رمضان المبارك فحسب يمر على الأسير عيسى وعائلته منزوع السعادة والوصال؛ بل جميع المناسبات السعيدة والأعياد.
قبل نحو أربع سنوات رحلت عن الدنيا والدته التي أنهك جسدها المرض، دون أن تراه أو تسمع صوته أو تشتم رائحته، ليغرق هو في بحر من المأساة الصامتة، ولتتضاعف معاناة باقي أفراد أسرته.
ليس بوسعه إلا أن يبكي قليلا على فراق والدته التي حرمها المرض والاحتلال بتعقيداته وتفتيشاته المذلة خلال زيارته، ثم يكتم الحسرة والألم في قلبه حتى يرى النور ويزور قبرها.
"لا طعم لرمضان في غياب حسني"، يقول والده الذي يبلغ من العمر (56عاما) ويتابع في حديثه لصحيفة "فلسطين": "والدته كانت تبكيه على مائدة الإفطار خصوصا في السنوات الأولى بعد اعتقاله".
ويضيف: "خلال شهر رمضان وفي الأعياد وفي المناسبات السعيدة التي تمر بها العائلة، جميعنا نفتقد حسني ونذكره وتفيض أعيننا بالدمع لغيابه قسرًا في سجون الاحتلال".
وأكمل قوله: "أعد الأيام والشهور بانتظار تاريخ 6/7/2022 وهو موعد الإفراج عنه، فذلك اليوم سيكون العيد بالنسبة لنا".
وذكر عيسى أن حسني قبل اعتقاله كان يستقبل شهر رمضان بالألعاب النارية مع أصدقائه في شوارع المخيم، ويمضي وقته في المسجد يقرأ القرآن بعد عودته من عمله في جهاز الأمن الوطني آنذاك.
ولفت أنه كان لا يطلب طعامًا بعينه لتصنعه والدته؛ بل يأكل مما تجود به وتصنعه يديها، لكنه كان يفضل أكلة المقلوبة مع الدجاج.
ويحمل عيسى على عاتقه هموما تشغل باله، سيما أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس فرض عقوبات على قطاع غزة من ضمنها خصومات وقطع لرواتب الموظفين والأسرى وعوائل الشهداء، ومخصصات الشئون الاجتماعية، وفق حديثه.
وقال: "الخصومات على الرواتب وتأخير صرفها أثرت بشكل كبير على الأسرى في سجون الاحتلال بشكل عام، وعلى نجلي حسني بشكل خاص"، مضيفا: "أتناول الطعام الذي أريده هنا، لكنني لا أعلم ماذا يأكل حسني ويشرب".
بدورها، أوضحت شقيقته فاتن (25 عاما) والتي كانت في الصف السادس الابتدائي لحظة اعتقاله، أنه كان حنونا في المعاملة مع شقيقاته، قائلة: "كان عندما يأخذ راتبه الشهري يجلب لي هدية".
وأشارت في حديثها لصحيفة "فلسطين" أنها لم تشعر بغيابه كثيرا عندما كانت طفلة، لكنها كانت تشاهد والدتها ووالدها يبكيان ويذرفان الدموع دون أن تعلم سبب ذلك.
وقالت: "الأمر الآن مختلف تماما، فأنا أدرك غياب وتغييب حسني، وأتمنى لو أنه يعود في أسرع وقت ممكن ليضفي على سفرتنا البهجة والسعادة المفقودة، سيما أننا نفقده والوالدة معا".
وتمضي عائلة الأسير عيسى أيامها وكلها أمل بأن يتحرر حسني ويبدأ حياته من جديد ويعيد بحريته لأرواحهم طعم الحياة المسلوب.