ليس مفاجئًا أن يقر مجلس النواب الأمريكي نصا يندد بقرار مجلس الأمن الأخير بشأن الاستيطان الإسرائيلي، بالنظر إلى مواقفه المنحازة لسلطات الاحتلال، لكن اللافت هو أن 80 نائبا أمريكيا لم يوافقوا على نص التنديد.
وأيدت أغلبية بـ 342 صوتا في "النواب الأمريكي"، الخميس الماضي، هذا النص الذي ليست له قوة القانون، مقابل 80.
وكان مجلس الأمن الدولي، تبنى بعد امتناع تاريخي لواشنطن عن استخدام حق النقض "فيتو" في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قرارا يدين الاستيطان الإسرائيلي فيما يعرف بحدود 1967 ويطالب بوقفه فورًا، وهو ما قابله رئيس حكومة الاحتلال بهجوم دبلوماسي وسياسي واسع.
ويرى المستشار السياسي لمركز "ميريديان" للدراسات الاستراتيجية، خالد صفوري، أن خطوة "النواب الأمريكي" "هي بشكل عام من أجل إحراج إدارة الرئيس باراك أوباما".
ويُذكّر في تصريحات لصحيفة "فلسطين"، بأن "الكونغرس الأمريكي تاريخيا، منذ حوالي 40 سنة، يتبنى ما تقوله (أيباك) اللوبي المؤيد لـ(إسرائيل) في الولايات المتحدة، وبالتالي لم يكن ذلك مفاجئًا، لكن المفاجئ هو أن أكثر من 80 عضوا في الكونغرس صوتوا ضد القرار".
ويوضح أن مشروع القرار الذي تتبناه لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية "أيباك" عادة يمر في الكونغرس باعتراض أربعة أو خمسة أصوات فقط، لكن هذه المرة كان هناك أكثر من 80 عضوا معترضين، "وهذا يوضح أن تأييد مشروع القرار المندد بقرار مجلس الأمن لم يكن بشكل كاسح مثلما كان يحصل عادة".
ويشير إلى تأثير اللوبي اليهودي، قائلا: "نحن نعرف أن الكونغرس يأخذ أموالا انتخابية، ومجلس النواب ينتخب كل سنتين، وعضو مجلس النواب يحتاج أن يجمع ثلاثة ملايين دولار كل سنتين من أجل نجاحه في الكونغرس، وجزء كبير من هذه التبرعات تأتي من الجالية اليهودية التي تعطي جزءا أكبر من التبرعات المعنية بالسياسة الخارجية، ولهذا نجد انعكاس ذلك على تصويت أعضاء الكونغرس".
ويعتقد أن السياسة الأمريكية المقبلة ستكون "على الأغلب سيئة جدا" تجاه فلسطين، لكنه يستدرك: "من الأفضل الانتظار (قبل الحكم)".
ويفسر بأن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، "قال كثيرا من الكلام الذي تراجع عنه، وغيَّره، ولا نعرف حتى الآن كيف سيكون تأثير وزير الخارجية المرشح ريكس تيلرسون، أو وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس (الذي اختاره الرئيس المنتخب لتولي هذا المنصب) على سياسة الرئيس ترمب، حتى الآن لا تغيير واضح، فعلينا الانتظار أسابيع عدة، لنعرف كيف سيكون القرار وكيف يصنع في إدارة ترمب".
الآليات التنفيذية
ويرى الخبير في شؤون الاستيطان خالد منصور، من جهته، أن تنديد "النواب الأمريكي" بقرار إدانة الاستيطان في مجلس الأمن، يشير إلى أن سلطات الاحتلال ستستقوي في المرحلة المقبلة، مرة أخرى بحق النقض "فيتو" الأمريكي في مجلس الأمن، وبالدعم الأمريكي في مواجهة الرأي العام العالمي.
ويعتقد في تصريحات لصحيفة "فلسطين"، أن سلطات الاحتلال ستستخدم التصويت الذي جرى في "النواب الأمريكي" كـ"ضوء أخضر لتواصل مشروعها الاستيطاني"، موضحا أن ذلك يتطلب من الدول التي أدانت الاستيطان ولم تعترف بشرعيته، أن تتحرك أكثر لتنفذ قرارها.
ويشدد على أن الاستيطان لم يكن ليتوسع ويتصاعد لولا "غض النظر من قبل الإدارة الأمريكية برئاسة أوباما التي حمت هذا الاستيطان طوال ثماني سنوات سابقة، وكل الإدارات السابقة أيضًا غضت الطرف وشكلت حماية لـ(إسرائيل) التي ترفض القرارات الدولية".
وينوه، إلى أن قرار إدانة الاستيطان الأخير هو ليس الوحيد في هذا الشأن، فهناك مثلا القرار رقم 452 لسنة 1979 الذي قضى بوقف الاستيطان بما في ذلك القدس، وبعدم الاعتراف بضمها، لكن سلطات الاحتلال تواصل حتى اللحظة الاستيطان، وكل القرارات كانت واشنطن تستخدم حق النقض لإسقاطها.
ويتمم: "صحيح أن القرار الذي اتخذه مجلس الأمن أخيرا يدين الاستيطان، لكه لم يضع الآليات التنفيذية لوقفه".