فلسطين أون لاين

"شروق دويات" وأمنية "الساعة الواحدة" للقاء العائلة

...
القدس المحتلة- غزة/ يحيى اليعقوبي:

أكثر من عامين ونصف بعيدة عن عائلتها، غابت ابتسامتها، وحضورها، وشخصيتها المرحة، وتفتقدها موائد رمضان، وجلسة العائلة، بعد أن غيبت سجون الاحتلال الأسيرة الفلسطينية الشابة شروق دويات (20 عامًا) تتمنى أن تخرج من تلك القضبان لتجلس _ولو ساعة واحدة_ مع عائلتها.

في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2015م وصلت شروق إلى القدس الساعة التاسعة والنصف صباحًا، ذهبت كما تروي شقيقتها حنين (29 عامًا) لصحيفة "فلسطين" إلى القدس للصلاة، وتكمل: "كان لدى شروق محاضرة في جامعتها ببيت لحم الساعة العاشرة صباحًا، وعندما تأخرت في القدس قررت هي وصديقاتها قضاء يومهم في المسجد الأقصى".

لكن شروق التي وجدت الأبواب مغلقة أمامها بعد أن منعها الاحتلال من دخول القدس قررت العودة إلى منزلهم في صور باهر، فذهبت إلى محطة الحافلات التي كانت تتنقل بها بين المنزل والجامعة، ولسوء تقدير وجدت نفسها في محطة أخرى، تواصل شقيقتها: "في هذه المحطة حاول مستوطن نزع حجابها عنها، فدافعت عن نفسها، فأطلق عليها ثلاث رصاصات".

بالمصادفة تقابلت الشقيقتان بالقدس، ذلك الموقف الذي لن تنساه في حياتها، "أكملت طريقي، وبعد وقت قصير سمعت بإطلاق النار على فتاة، ولم يخطر ببالي أنها شقيقتي شروق، وبدأ الأقارب يتصلون بي لورود اسمي في وسائل الإعلام" تتحدث حنين وهي تعود بذاكرتها إلى ذلك اليوم.

الرصاصة الأولى أصابت رقبة شروق، والثانية أصابت منطقة القلب، والثالثة أصابت يدها، ونقلت على إثرها إلى المشفى وهي بحالة الخطر، وأجريت لها عدة عمليات، لكنها أخضعت لتحقيقات قاسية، تقول شقيقتها: "لم تنتظر قوات الاحتلال طويلًا كي تخف حالتها، أيقظوها من المخدر ليسألوها عن سبب ذهابها إلى القدس، وهل هي من المرابطات أم لا".

لم تكن تدرك "شروق" أنها ستغيب عن العائلة، تعترف شقيقتها والحزن يقطر من صوتها: "غياب شروق أثر فينا جميعًا، ما زلنا نشعر بفقدانها في رمضان وباقي الأيام".

القاضي الإسرائيلي في جلسة الحكم النهائية على شروق قضى بسجنها 16 سنة وطلب منها الاعتذار إلى كيان الاحتلال والمستوطن الذي أطلق عليها ثلاث رصاصات، فردت عليه أمام الحاضرين: "أنتم لن تستقروا في فلسطين أكثر من 16 سنة، وسأخرج قبل سنوات الحكم".

لم تنس حنين الخمسين يومًا الأولى لاعتقال شروق، فلم تعرف العائلة طوال تلك المدة أي معلومة عنها: أستشهدت أم حالتها الصحية تحسنت بعد الإصابة؟، سيبقى أول لقاء بينها وبين شقيقتها يذكرها بمرارة السجن والغياب، تحتسي جرعة من صمت، ثم تتابع بنبرة صوت هادئة: "في أول زيارة جلست أمام شقيقتي يفصلنا العازل الزجاجي، لم أستطع الحديث في البداية سوى البكاء".

- مشتاقة إلكم نفسي نرجع لكل شيء قبل الاعتقال، نفسي أقعد معكم ساعة.

- إن شاء الله بترجعي، وبترجع لمتنا من جديد.

الحوار السابق دار بين الشقيقتين في إحدى الزيارات، "رمضان ناقصها، لأنها كانت حياة الدار، والغياب شيء نشعر به ولا نستطيع وصفه" تقول حنين.

ورق الدوالي أكلة شروق المفضلة باتت لا تطبخ في منزل العائلة، لأنه يذكر الجميع بها، سريرها الذي أصبح فارغًا، وملابسها المصففة في خزانتها، وصلاتها في قيام الليل، وأجواء رمضان، كلها باتت تفتقد ابنتهم المدللة، تضيف: "في آخر رمضان لها بيننا كانت شروق تقدم امتحانات الثانوية العامة، وكانت منشغلة بدراستها حتى حصلت على معدل 90%".