فلسطين أون لاين

يقع في مركز مدينة دلهي

"المسجد الجامع" شاهد على فن العمارة المغولية المسلمة

...
دلهي- غزة/ مريم الشوبكي:

في مركز مدينة دلهي القديمة وتحديدًا في أكثر شوارعها شعبية وازدحامًا شارع "شاندي شوك" يقع المسجد الجامع، ويعد من أكبر مساجد الهند، وهو بمنزلة القبلة التي تجمع أغلبية المسلمين فيها، وشاهد على ما وصل إليه المغول المسلمون من قوة وحضارة.

ويرجع تاريخ بناء المسجد الجامع إلى العصر المغولي، وقد استغرق بناؤه أربعة عشر عامًا (إلى عام 1069هـ / 1658م)، ويعرف أيضًا بالمسجد الملكي لشاه جيهان باد نسبة إلى أحد سلاطين دولة المغول المسلمين في الهند.

والمسجد الجامع أكبر مساجد الهند المحاطة بفناء على الإطلاق، ويتسع لنحو خمسة وعشرين ألف مصلٍّ، وله ثلاث بوابات، ويرتفع على هضبة عالية.

ويتزين مدخل المسجد الفخم ببوابة ذات عقد مدبب، ومن هذه البوابة يدخل إلى بيت الصلاة المكون من الأواوين الثلاثة، الأوسط هو إيوان القبلة، وهو أصغرها، وفيه محراب المسجد، وفوقه تقوم القبة الرئيسة للجامع، وهي بصلية الشكل.

وعلى اليمين واليسار يقوم الإيوانان الثاني والثالث، وهما قاعتان فخمتان تقومان على دعائم حجرية وعقود مدببة، وفوقهما قبتان بصليتان أصغر من القبة الوسطى.

وتروى قصص عجيبة عن وضع حجر أساس هذا المسجد، تدل على شدة ورع شاه جيهان ومواظبته على صلاة التهجد بالليل، فيقال: "إنه عند البدء بوضع الأساس جمع حاشيته ووزراءه وقضاته والعلماء الملتفين حوله، ثم طلب ممن لم يفته قيام الليل مرة واحدة أن يتقدم لوضع حجر الأساس، فأمسكوا وتوقفوا، فما كان منه إلى أن تقدم شاكرًا الله على نعمته عليه أن لم تفته صلاة الليل ولا مرة".

ومما يذكره التاريخ لمسجد دلهي الجامع أنه كان معقلًا للثوار المسلمين عام 1274هـ / 1857م ضد الإنجليز، وبعد إخماد الثورة بوحشية فظيعة منع الإنجليز المسلمين من الصلاة فيه، فظل مغلقًا حتى عام 1279هـ / 1862م.

ولم يكتف الإنجليز بإغلاق المسجد في حينه، بل نهبوا الأوقاف الكثيرة التابعة للمسجد، ولم يتركوا أثرًا للمدرسة الملحقة به عند الباب الجنوبي، التي كانت تسمى دار البقاء، وكذلك فعلوا بالمستشفى الملكي المقام عند الباب الشمالي للمسجد، وقد كان يعالج المرضى بالمجان.