فلسطين أون لاين

في لبنان رمضان المخيم الفلسطيني امتداد للوطن

...
بيروت-غزة/ صفاء عاشور:

لم تطأ قدما دينا آغا التي ولدت في الكويت ودرست وتربت "لاجئة" في لبنان أرض فلسطين قط، ولا أي بقعة منها، لكنها لم تكف يومًا عن المشاركة في الفعاليات المرتبطة بالقضية الفلسطينية كافة، التي كان آخرها التجهيزات لاستقبال شهر رمضان.

بينت أن قدوم شهر رمضان أمر غير اعتيادي لدى المسلمين، أما اللاجئون الفلسطينيون المُبعدون قسرًا عن بلادهم فلهذا الشهر الكريم طبيعة خاصة تجعلهم جميعًا مشغولين ببدء التجهيز له.

وقالت في حديث إلى "فلسطين": "قبل حلول الشهر بأيام يكون الجميع مشغولين بالتحضيرات لاستقبال الشهر الكريم، خاصة في الليلة السابقة لرمضان إذ يجتمع أفراد الأسرة أمام شاشة التلفاز بانتظار إعلان بدايته".

أضافت آغا: "وعند إعلانها يهمُّ كل فرد فيها بالاستعداد إلى صلاة التراويح التي طال انتظارها عامًا كاملًا، وتبدأ شحنات الإيمان بالتطاير في أرجاء كل بيت فلسطيني يتطلع شوقًا إلى الدعاء في كل ركعة وكل سجود بأن يعود إلى بلاده، لعلّه يقضي رمضان المقبل في وطنه".

واستدركت: "ولكن الوضع يختلف داخل مخيمات اللجوء عن خارجها، فملامح رمضان تبدو واضحة وصريحة في شوارع المخيمات وأزقّتها، حيث نرى الفوانيس معلّقة في كل مكان تنير الطرقات ليلًا وتزينها، واللافتات الرمضانية تستقبلك على مدخل المخيم وترافقك حتى مخرجه".

وأشارت آغا إلى أن الحياة في المخيمات الفلسطينية لا تتوقف منذ الليلة الأولى حتى الأخيرة، وأن المحال التجارية لا تقفل أبوابها في الليل أو النهار، والشوارع تضج بالناس في كل وقت.

ولفتت إلى أنه من أجمل المظاهر التي تسود المخيمات في شهر رمضان هو رؤية الناس، إذ يذهب بعضهم إلى فرن المناقيش، وآخر يشتري الفول المدمّس لوجبة السحور، وشباب ورجال يتوجهون إلى المساجد لأداء صلاة الفجر، ثم الخلود إلى النوم لنيل قسط بسيط من الراحة.

وذكرت آغا أن وجبة الإفطار هي التي تهتم الأمهات بها اهتمامًا كبيرًا، خاصة أنها أساس يجمع أفراد الأسرة والأقارب كافة على مائدة واحدة، مشيرة إلى أن المائدة دائمًا ما تعكس ارتباط الفلسطينيين بأكلاتهم الشعبية.

وبينت أن أبرز الأكلات التي تستهوي السيدات ويعددنها خلال الشهر الكريم هي: المفتول، والمسخن، والمقلوبة، وأقراص الزعتر، وغيرها، لافتةً إلى أنه من المتعارف أن يكون إفطار أول يوم في رمضان هو "طبيخ اللبن"، الذي يُطلق عليه اسم "البياض"، حتى تكون بداية شهر رمضان بيضاء وكلها خير، ليأتي بعدها دور طبق التحلية الأشهر الذي لا ينازعه شيء، وهو "القطائف".

أما على صعيد الأطفال فذكرت آغا أن هناك نشاطات عدة خاصة بهم في رمضان، إذ تكثف دورات تحفيظ القرآن في المساجد للأولاد والبنات على حدٍّ سواء، إضافة إلى تدريبات أفواج الكشافة التي تنظم نشاطات عدة خلال هذا الشهر، أهمها المسيرات الكشفية في ليلة القدر.

وأكدت أن لهذا الشهر روحانية خاصة وطاقة إيجابية تنعكسان على كل الأفراد والأُسر، ويتضح ذلك في الإقبال على صلاة التراويح رجالًا ونساءً وأطفالًا، خاصةً في العشر الأواخر، إضافة إلى انتشار موائد الرحمن في أحياء كثيرة، وحملات جمع التبرعات والزكاة التي تُوزع على العائلات المحتاجة، وشراء ملابس العيد للأيتام، والمساعدات العينية، وغيرها.

وشددت آغا على أن الفلسطيني يحمل معه هويته أينما ذهب، ويحافظ على أصالته ودينه وأخلاقه ويعكس صورة عن وطنه أينما عاش، لافتةً إلى أن المخيمات أو التجمعات الفلسطينية ما هي إلّا امتداد للوطن وصورة مصغّرة عنه.