أصبح قتل الفلسطيني اليوم لا يعادل جناح بعوضة في ظل هذا التوحش الصهيوني، فعندما يقتلون في يوم واحد ما لا تقتله داعش في شهر ويجمع العالم على توحش داعش بينما يفترقون على توحش هذه الدولة المارقة ، هناك علامة استفهام كبيرة إذا.
ثم يجب التدقيق في عنوان الخبر: استشهاد الأسير عزيز عويسات نتيجة الإهمال الطبي، هذا العنوان لا يتناسب أبدا مع هذه الجريمة.. عندما يبدأ مسلسل من الاعتداء المبرح بالضرب على اسير أعزل: يداه مكبلة للخلف وقدماه مكبلتان ويتناوب عليه جنودهم بالضرب والتنكيل ثم يحال الى مشفى بعد ان دفعوه الى حافة الموت، وهناك بالتاكيد يذهب معه ملفه الذي يصفه بالارهابي الخطير ويتلقى الاهمال الطبي المرسوم جيدا وعندما تحدث الوفاة ينظر الى الحلقة الاخيرة وهي الاهمال الطبي ؟
لقد شاهدت- وكتبت ذلك في "مدفن الاحياء"- كيف يبرمج التعذيب الى ان يصل الى الرمق الاخير فيحال الى مستشفياتهم ليموت فيها، رأيت كيف تنهال العصي الكهربائية من عدة رجال محترفين في القمع والضحية مكبلة من الايدي والارجل، ورأى الاسرى كيف يهجم ضابطهم ليخرق عين الضحية بقلم الحبر، وكيف تدهم قوة مزودة بكل اجهزة القمع بعد تدويخ القسم بغازاتهم اللعينة فيضربون بكل قوتهم أجسادا رمتها غازاتهم ارضا، ورأينا فيما يسمى مستشفى الرملة كيف يزود الممرضين باجهزة القمع ليشاركوا اخوانهم الشرطة بالقمع والتنكيل بمرضى اقلهم يعاني من عدة امراض مزمنة والا لما اتوا به الى هذا المستشفى. يا الهي كيف يقوم هذا الممرض بالدورين معا: القمع وتقديم الدواء؟
وكنا شهود عيان على وفاة يحيى الناطور الذي قالوا عنه انه مريض نفسيا ولا يعاني من اي مرض وانما هو يمثل، حتى ذهب يوم الى العيادة من شدة الالم وارتفعت روحه هناك وهم يقولون انه يمثل ولا يعاني من شيء.. الاسماء والامثلة كثيرة على القتل العمد مع سبق الاصرار وليس مجرد اهمال طبي: رزق العرعير، محمد ابو هدوان، محمد الاشقر، ميسرة ابو حمدية وفايز ابو ارميلة وعمر القاسم ومعزوز دلال وجعفر عوض والقائمة طويلة.
ثم ان العلاج عندهم قد ثبت بما لا يدع مجالا للشك فيه السماح لشركات أدوية اسرائيلية بتجربة ادوية واستخدام أسرانا كحقل تجارب لهم، وكذلك كل مرحلة من مراحل العلاج تشكل رحلة عذاب، مرحلة تشخيص المرض التي قد تستمر لعدة سنوات الى ان يستفحل المرض ثم مرحلة العلاج التي لا يعطى فيها المريض الادوية اللازمة كاملة ثم بيئة الضغط النفسي والقهر المتواصل والتي تزيد من تفاقم معاناة وآلام المرضى.. الخ
هذه جريمة مفتوحة تمارس بكل قذارة على اسرى لا يملكون سلاحا ولا يشكلون خطرا وإنما هي السادية التي لا تعرف للجريمة حدودا ولا تعطي الفلسطيني أي وزن، انما هو في نظرها بعوضة او حشرة ليس لها الا القتل او السحق دون خوف من حساب او عقاب.
وعند كل شهيد نقف لنقول لا بد من محاكمة المجرم في محكمة الجنايات الدولية، أعتقد أن هذا القدر من الارواح والدماء يكفي، يجب التوجه فورا الى هذه المحكمة مع بيانات كاملة لملاحقة المجرم: من نفذ ومن أدار وأشرف ومنهج عملية القتل، كل ذلك يحمل اسم مصلحة السجون الاسرائيلية. ويجب ان يكون هذا قبل الخبر القادم عن استشهاد الاسير التالي. مسلسل القتل لا يتوقف ونحن ما زلنا نكتفي بالادانة والشجب وهذا أصبح لا يعني لهم شيئا.