فلسطين أون لاين

​مبادرة شبابية انطلقت في شهر فبراير الماضي بمخيم البريج

"موائد الرحمن" تكية دائمة لتوزيع وجبات شعبية

...
غزة - يحيى اليعقوبي

يوميًّا ينطلق الشاب بلال سلامة (28 عامًا) والفريق الشبابي المساعد له بعد إعداد وجبات المأكولات الشعبية في حاصل صغير لتوزيع الوجبات على 200 عائلة، وتستمر رحلة التوزيع أربع ساعات متتالية، في مبادرة شبابية أطلقوها تحمل اسم تكية "موائد الرحمن".

"موائد الرحمن" تكية لمبادرة شبابية بدأت بجهود بسيطة انطلقت في شهر شباط (فبراير) 2018م، لتحسين ظروف خمسمائة عائلة فقيرة بمخيم البريج، ونمت وخطت طريقها حتى استطاع الفريق بعد ذلك تقديم وجبة مأكولات شعبية يومية إلى 200 عائلة بواقع 400 وجبة مأكولات شعبية، لكن ينوي القائمون على المبادرة أن يصل عدد العائلات المستفيدة من الوجبات في شهر رمضان إلى نحو 500 عائلة، بواقع ألف وجبة.

وعن فكرة المبادرة يقول منسق الحملة بلال سلامة (28 عامًا) لصحيفة "فلسطين": "إن المبادرة نبعت من مبادرة سابقة نظمها الفريق الشبابي، وحملت عنوان: "سدد تؤجر"، استهدفت أكثر من محل تعنى بإعداد مأكولات شعبية ولها ديون على الناس".

تخفيف أعباء

ساهمت المبادرة السابقة بسداد ديون عن 17 عائلة، كانت تحصل على وجبات على مدار الشهر من محال المأكولات الشعبية وبسبب الظروف لم تستطع سداد ديونها، يضيف: "بالتعاون مع تجار ورجال أعمال سددنا تلك الديون، وهذه الحملة كانت بالتوازي مع حملة "سامح تؤجر" التي انتشرت بقطاع غزة في تلك المدة".

وسلامة خريج جامعي درس دبلوم صيانة أجهزة إلكترونية في الكلية الجامعة للعلوم التطبيقية، وعاطل عن العمل حاليًّا، افتتح مشروعه الخاص بإنشاء محل ألعاب حاسوب، وفي الوقت نفسه لديه اهتمام بأبناء شعبه فيشرف على هذه المبادرة التي في إطارها تكية "موائد الرحمن"، التي يساعده بها نحو 10 شباب من أبناء المخيم الذي يسكن فيه.

"كيف توازن بين عملك الشخصي والإشراف على المبادرة؟"، يرد على سؤال "فلسطين"، قائلًا: "إننا نستشعر الأجر عندما نخدم أبناء شعبنا، رغم الإرهاق الذي يصيبنا من الإشراف على المبادرة".

وعودةً إلى "تكية موائد الرحمن"، إن هذه المبادرة دائمة ومستمرة، تعتمد أساسًا على جمع التبرعات عبر صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، والكلام لسلامة، الذي يبين أن هذه الصفحة هي الرافد الأساسي للتبرعات التي يساهم فيها أشخاص من داخل فلسطين وخارجها، بنسبة 70-80%.

ويلفت إلى أن العمل في هذا المجال يتطلب جهودًا وتكاتفًا مجتمعيًّا أكبر، مبينًا أنهم يحصلون على أسماء العائلات المستهدفة من لجان الزكاة، وأسماء أخرى في قوائم الجمعية الخيرية التي تعمل بالمخيم أو لها فروع فيه.

تكافل اجتماعي

يضيف: "هدفنا من هذه المبادرة تحقيق التكافل الاجتماعي، لذلك نتواصل مع الجمعيات والبلديات وأصحاب المسؤولية لتعزيز الفكرة وتعميمها في المخيم، بهدف التخفيف من الظروف الصعبة التي تعيش فيها العائلات الفلسطينية بقطاع غزة، نتيجة الحصار الإسرائيلي الذي دمر الأوضاع الاقتصادية في القطاع".

"لا أنام وجاري جائع" هذا الشعار الذي يحاول سلامة وفريقه إيصاله إلى الناس، ويعرب عن أمله في أن تتوسع الفكرة وتصل صدقات ميسوري الحال إلى الفقراء والمحتاجين، لتطبيق مبدأ التكافل، خاصة أن القطاع المحاصر أحوج ما يكون لهذا التكافل في شهر رمضان، الذي أتى وقد اشتد الحصار على أهالي القطاع.

ولدى سؤاله: "هل ستحسن وجبات الإفطار لتشمل لحومًا وأرزًا؟" يبين أن الحملة قائمة على مبدأ: "قليل دائم خير من كثير منقطع"، مشيرًا إلى أن الدعم الذي وصل إليهم ليس كافيًا، ومع ذلك سيحاولون استهداف 500 عائلة يوميًّا في رمضان بتوزيع وجبات مأكولات شعبية.

وينقل انطباع العائلات عن هذه المبادرة، مبينًا أنها لاقت إعجابًا كبيرًا، كون المبادرة تستهدفهم بمساعدات دائمة ومستمرة وغير منقطعة، ويزيد: "نلمس سعادة كبيرة لدى تلك العائلات عند زيارتهم يوميًّا، وتوزيع وجبات مأكولات شعبية عليهم، ما جعلنا نخفف بعضًا من الأعباء اليومية الملقاة على عاتق الأب في توفير وجبتي الفطور والعشاء في الأيام العادية، ونساهم في وجبة الإفطار في شهر رمضان، وهكذا نشعر أننا رفعنا عن كاهلهم بعض الهموم".

وعن مكان العمل يقول: "أحد الأشخاص في المخيم منحنا أحد المخازن (حاصلًا) وقفًا وصدقة ما دمنا مستمرين في العمل بهذه التكية، ما سهل لنا العمل وتجهيز الأدوات اللازمة، حتى نعد الوجبات يوميًّا، وننطلق إلى توزيعها على العائلات الفقيرة".

أهمية الفكرة تكمن _حسبما يرى سلامة_ في نشر الفكرة وتعزيزها بين الناس والشباب، واستثمار الطاقات المجتمعية ودور الشباب في الإشراف وإنجاح هذه المبادرات، التي يمكن أن تتوسع وتتطور في مجالات مختلفة، لاستهداف كوادر شبابية مختلفة.

وتكية موائد الرحمن هي مبادرة كغيرها من المبادرات التي بدأت تنتشر في قطاع غزة، دلت على حجم التكافل الاجتماعي الكبير بين أهالي القطاع، رغم الحصار الإسرائيلي الذي طال كل شيء.