فلسطين أون لاين

​في عائلة التهم الفقر والمرض قُوتها

أبٌ مريض وأمٌّ تستجدي توفير الطعام لأبنائها

...
تصوير / ياسر فتحي
غزة - نسمة حمتو

هُنالك من الأوجاع ما لا نستطيع تحملها، فتبقى علامة جرح في القلب نتذكرها في كل لحظات العمر، ومهما حاولنا لَأْمَها فإنها لا تُشفى أبدًا، وهكذا هم المرضى الضعفاء الذين لا يستطيعون توفير أدنى متطلبات حياتهم، هم يعانون مرتين: الأولى من شدة الألم والثانية من شدة الفقر وعدم قدرتهم على تحمل الاثنين في آن واحد؛ فتزداد الأوجاع دون وضع حد لها.

أوجاع مضاعفة

في قصة اليوم اجتمع الفقر والمرض في حالة واحدة؛ فكانت الأوجاع مضاعفة إلى حد كبير، وبقي أصحابها صامتين لا يمكنهم فعل شيء سوى الصبر على هذا الوضع الصعب.

(و.ع) رجل خمسيني ابتلي منذ كان شابًّا بمرض السكري، الذي بدأ ينهش جسده شيئًا فشيئًا، ومع إهمال علاجه كانت النتيجة فقدانه البصر وعجزه عن الرؤية، وبسبب عدم توافر علاج له اضطر الأطباء إلى إجراء عملية جراحية له، فقد على إثرها الرؤية تمامًا.

قال (و.ع) لـ"فلسطين" عن تفاصيل معاناته: "لم تتوقف المأساة عند فقداني البصر، بل منذ 3 سنوات أصبت بفشل كلوي، وطلب مني الأطباء المداومة على غسل الكلى، واليوم أذهب إلى المستشفى ثلاث مرات أسبوعيًّا لغسل الكلى".

أمراض مزمنة

وأضاف: "وزوجتي تعاني من ارتفاع ضغط الدم وضعف في عضلة القلب، دائمًا تحتاج إلى علاج، وهو يكلف مبالغ مالية عالية جدًّا كل أسبوع، ولا أستطيع توفيرها".

لا يستطيع (و. ع) توفير أدنى متطلبات العيش لأطفاله، وهو عاجز تمامًا عن عمل شيء لهم؛ فهو يعتمد كليًّا على مساعدة الشئون الاجتماعية التي لا يحصل عليها سوى كل أربعة أشهر بل أكثر.

ومضى بالقول: "أضطر دائمًا إلى الاستدانة من أصدقائي من أجل توفير سيارة أجرة تنقلني إلى مستشفى الشفاء ثلاث مرات في الأسبوع، الوضع يزداد صعوبة يومًا بعد يوم، ولا نعرف ما الذي تحمله الأيام لنا، استدنا أضعاف مساعدة الشئون الاجتماعية وحتى الآن لم نحصل عليها".

وقال: "انتظرت بصبر نافد أن ينهي أبنائي الدراسة كي لا أضطر إلى دفع مصروف يومي لهم، حياتنا أصبحت مأسوية لا نعرف ماذا نفعل ومن أين نتدبر أمورنا، بصعوبة نجد الطعام فما بالك بالاحتياجات الأخرى؟!".

ديون متراكمة

وتابع قوله: "صاحب الصيدلية بعد تراكم الديون عليّ رفض إعطائي أدوية إضافية؛ فاضطررت إلى فتح حساب آخر في صيدلية ثانية، وكلما حصلت على مساعدة حاولت سد الديون المتراكمة حتى لا يطالبني الناس بأموالهم".

(و.ع) لديه ابن في التاسعة عشرة من عمره يعمل أحيانًا مقابل مبلغ بسيط جدًّا طيلة الأسبوع، وهو يضطر إلى اشتراء الدواء منه، ولا يتبقى شيء ليشتري به الطعام لأبنائه.

أما زوجته فقالت عن معاناتها: "دائمًا أتحايل على أبنائي ليأكلوا الدقة والزعتر لأنني لا أستطيع توفير وجبة غذائية كاملة لهم، والجمعيات الخيرية عندما يذهب زوجي ليسجل فيها يقولون إنها للأيتام، ماذا نفعل كي نجد من يساعدنا؟!، هل نموت ليصبح أبناؤنا أيتامًا؟!".

متهالك جدًّا

تابعت قولها: "حتى مياه الصرف الصحي تدخل إلى البيت من المطبخ؛ فهو متهالك جدًّا، ولا يملك زوجي الأموال لإصلاحه، لا نعرف إلى متى سنظل نعاني، منذ مرض زوجي قبل 20 عامًا نعاني الأمرين، لا يوجد علاج ولا طعام لنا".

وأكملت: "اضطر زوجي قبل عامين إلى السفر إلى مصر، لم نكن نملك ثمن العلاج ولا الطعام والشراب، سافرنا ومعنا مبلغ 300 شيكل فقط، وأجري له عملية جراحية في عينيه، ويا للأسف!، ازداد وضعه سوءًا بعدها".

كل ما تريده هذه الأم هو فقط أن يتوافر الطعام لأبنائها في المنزل، وأن تتحسن ظروفهم المعيشية، بدلًا من اعتمادهم كليًّا على مساعدة الشئون الاجتماعية، التي تذهب إلى سداد الديون قبل وصولها إلى المنزل.