بعض الأطفال قادرون على الصيام بدون جهدٍ أو مشقّة كبيرة، فلا يشغلون بال والديهم في البحث عن طرق وأساليب لتدريبهم على الصيام، لكن الصيام لم يكن يومًا مجرد امتناع عن الطعام واكتشاف قدرات، إنما الصوم هو عملية ردع للنفس عن شهواتها الغذائية واللذات الجسدية المباحة.
وفي حالة الطفل فإنه في سنّه الصغيرة وقدراته العقلية البسيطة لا يميّز الحقائق والأصول الدينية لصيامِه، وبالتالي ليس من السّهل أن يصوم لمجرّد أن في صيامه إرضاء لله تعالى، لذلك وجب تدريب الطفل على الصيام تدريجيًا.
بعض الآباء يستعجلون الأمر ويطلبون من أبنائهم أن يصوموا صيامًا عن قناعةٍ دينية وأن يكون طلب الصيام نابعًا من داخلهم بحب ورضا ويقين بأن مقابل هذا الصيام ثواب وأجر من الله تعالى، لكن هذا الأمر صعب على الطفل وفق الأخصائي التربوي والنفسي من جمهورية مصر العربية د. إيهاب عيد في سنوات عمره الصغيرة.
وأوضح أنه من الجيد أن نعوّده على "الإمساك" لأجل الإمساك فقط، معتبراً أن تلك خطوة تربوية مبدئية جيدة لتقبل الصيام كفكرة دينية فيما بعد، وبالتالي يرى ضرورة أن يكون هناك ثواب مادي ومعنوي يُكافَأ به الطفل على صيامه.
وبالتالي يجب تدريبه وفق د. عيد على الصيام إما لساعات معينة، قد تبدأ بساعتين أو ثلاث ثم تصل لصلاة الظهر، أو تدريبه على الإمساك عن تناول أنواع معينة من الطعام، أو تدريبه على الامتناع عن الطعام تمامًا فيما يُسمح له بالشراب، المهم أن يشعر الطفل أنه امتثل لقانونٍ ما ولأمرٍ ما بصدقٍ وبلا مراوغةٍ حتى لو اضطرّ المربي لأن يلعب في عقارب السّاعة ليُشعِر الطفل أنه أنجزَ ونجح في امتثاله للقانون والاتفاق.
وفي تربية الأطفال على الأخلاق الحميدة في هذا الشهر يرفض د. عيد أن يفرض المربون على أبنائهم مجموعة كبيرةً من القواعد الأخلاقية، التي إن أخفق في إحداها بات كمن فشل!
فلو نظرنا لبعض المربين لوجدناهم يلومون أو يعنفون أبناءهم إن أخفقوا في تصرفٍ ما أثناء صيامهم، فيسألونهم مثلا: "ما الفائدة من صيامك ما دمتَ قد تشاجرت مع أخيك؟ وما الفائدة من صيامك وأنت دائم النوم؟ أو ما الفائدة منه وأنت تتابع رسوم الأطفال؟ .. الخ"، فهذا من شأنه أن يُحبط الطفل ويُشعره بالفشل وفق د. عيد فيرتبط الصيام بأشياء تعجيزية بالنسبة له كطفل غير مكلّف، في حين أن الطفل غالباً ما يخطئ ويصعب أن يلتزم بمجموعة قواعد دفعةً واحدة، ومن هنا كانت ضرورة التدريج.