قد تكون أميركا هي الدولة الأعظم والأقوى في العالم على المستوى المادي، ولكنها ليست الدولة الأمينة على العالم لأنها لا تحمل للعالم رسالة العدل والحرية والأخلاق الكريمة التي حملتها يوما الدولة الإسلامية عندما كانت الدولة الأعظم في العالم٠
الدول لا تحيا عظيمة بالمادة والسلاح فحسب، بل هي في حاجة إلى الأخلاق والعدل إلى جانب المادة والسلاح. القدس مثلا ليست بقعة جغرافية تُنقل إليها سفارة أميركية، بل هي رسالة سماوية، وآية قرآنية، وأخلاق كريمة، وتراث أمة مسلمة، وهذا ما لا تستطيع أميركا الظالمة أن تضمه إلى دولة ( إسرائيل) الغاشمة.
يمكن ( لإسرائيل وأميركا) أن تحتفلا بضم القدس الشرقية، وبنقل السفارة الأميركية إلى القدس، ويمكن أن تشعر ( إسرائيل) بنشوة النصر، الذي كان في عام ١٩٦٧م، ولكن أميركا تعجز عن منح (إسرائيل ) الطمأنينة التي تريد، وتعجز عن أن تمنحها المستقبل المستقر، لأن دولة البغي ساعة، ودولة العدل حتى قيام الساعة.
قد تشعر دولة الاحتلال أنها الدولة الأقوى في الشرق الأوسط، وأنها تستطيع أن تفرض على الأنظمة العربية والإسلامية ما تريد، ولكن هذه القوة مقيدة بزمن منتهٍ لا محالة، وقديما كانت بريطانية هي الدولة الأعظم في العالم، وفرضت على العالم ما كانت تريد، ولكنها الآن فقدت عظمتها، واستحالت تابعة لأميركا.
الفلسطينيون في يوم الذكرى السبعين لنكبتهم لا يقيسون الأمور التي تتعلق بحقوقهم في وطنهم بالقياسات المادية على أهميتها في هذا العالم المادي، لذا تجدهم يطالبون بالعودة إلى وطنهم، وهم متفائلون بالعودة، ويسيّرون المسيرات الكبرى نحو الحدود الزائلة بالآلاف، ويقاومون العدو بالطائرات الورقية، وبالحجارة، وبحرق إطارات السيارات، ويلقون المناشير على المستوطنين في غلاف غزة يطالبونهم بالعودة إلى دول المنشأ التي جاؤوا منها.
الفلسطينيون يحملون للعالم رسالة العدل والحرية والأخلاق الكريمة، رغم قلة المادة والسلاح ، وقسوة الحصار، وانحياز أميركا لدولة الاحتلال. في القدس تحتفل (إسرائيل) وأميركا بانتصار الظلم والظلام، بينما يحتفل المشاركون في مسيرات العودة بالعدل والنور، والتاريخ والعودة، وهذا ما يغيظ ترامب ونتنياهو .