فلسطين أون لاين

​على مستوى فلسطين والوطن العربي

"شكرًا مهندس النظافة" مبادرةٌ لتقدير "حُماة البيئة"

...
غزة - فاطمة أبو حية

ماذا لو توقف عمّال النظافة عن أداء مهامهم؟، إجابة هذا السؤال تُبرز أهمية دور هذه الفئة الكادحة، ومن هنا انطلقت مُبادرة "شكرًا مهندس النظافة"، لتخبر المجتمع بأهمية هذه المهنة، ووجوب تغيير النظرة السلبية تجاه العاملين فيها، فلو لم يؤدوا دورهم لكانت الأضرار البيئية سيّدة الموقف.

التوأمان المهندسان محمود وأحمد صوان، الناشطان في القضايا الاجتماعية والعلمية، ومؤسسا مؤسسة "عمار الأرض" بغزة؛ هما صاحبا فكرة المبادرة، والمشرفان على تنفيذها، أطلقاها عام 2016م بجهود فردية، ويأملان الحصول على التمويل اللازم لإكمال مراحلها، وخلال الشهر الفضيل سيكون للمبادرة دور في خدمة الفئة المستهدفة.

لإبراز دورهم

قال المهندس أحمد صوان: "نبعت فكرة المبادرة في ظل التجاهل الكبير لفئة مهمشة في مجتمعنا الغزي، مع أن دورها كبير وفاعل في الحفاظ على نظافة بيئتنا ورقي مجتمعنا".

وأضاف في حديثه إلى "فلسطين": "نسعى إلى إبراز دور عمال النظافة وتغيير النظرة السلبية من المجتمع تجاههم، وتشجيعهم على العمل بهمة عالية، لذا فكّرنا بفكرة هي الأولى على مستوى الوطن العربي، فأطلقناها في إطار مبادة اخترنا لها اسم (شكرًا مهندس النظافة)".

تابع صوان: "أطلقنا المبادرة بدافع من شعورنا بتلك الفئة المضطهدة في المجتمع، ومن إيماننا بأهمية دورنا شبابًا فاعلين في تغيير النظرة السلبية إلى فئات مختلفة في المجتمع، وانطلاقًا من قول رسولنا الحبيب: (نُصِرتُ بالشباب)".

وواصل: "لا تقتصر أهداف المبادرة على تغيير اللقب فقط، فهدفنا الأساسي منها هو تغيير نظرة المجتمع السلبية إلى أفراد هذه الفئة وعوائلهم، وأيضًا نحاول أن نساهم في تحسين أوضاعهم المالية والصحية، برفع ذلك في توصيات لرئاسة البلدية، وتعريف العمال عوامل السلامة اللازمة لهم في أثناء عملهم".

واجه التوأمان صوان تحدياتٍ كثيرة في توفير التمويل المطلوب لإطلاق الحملة وتسييرها، وعن ذلك قال: "عانينا كثيرًا فيما يتعلق بالتمويل، فقررنا بدء الفكرة على نفقتنا الخاصة، فأطلقناها في غزة عام 2016م".

وأضاف: "ثم قدمنا خطة عمل مع موازنة لأكثر من جهة، وبعد تنفيذنا المرحلة الأولى من المبادرة بجهد شبابي تلقينا تمويلًا بسيطًا من جمعية دولية بنسبة 10% من قيمة موازنتنا، وما كان علينا إلا أن ننفذ المبادرة بتمويل بسيط كي ترى النور".

لن ننساهم في رمضان

تتكون المبادرة من عدّة مراحل، منها ما نفذ، ومنها ما سيُنفّذ في رمضان، وبعده أيضًا.

المرحلة الأولى كانت إطلاق الفكرة على شاطئ بحر غزة، في حضور مجموعة من "مهندسي النظافة"، مع تقديم عبارات شكر وتقدير لهم، وتوزيع قمصان وقبعات تحمل اسم المبادرة، وحينها دعا القائمون على المبادرة وسائل الإعلام لتسليط الضوء على الفكرة ونشرها.

أما المرحلة الثانية فاستهدفت المجتمع الغزي بوضع لافتات شكر وتقدير في الشوارع، كُتب عليها: "بأياديهم الذهبية غزة أجمل مع مهندسي النظافة"، مع دعوة المجتمع لاستخدام لقب "مهندس نظافة".

عمال النظافة أنفسهم كانوا الفئة المستهدفة في المرحلة الثالثة، إذ استقطب مجموعة منهم ضمن برنامج تدريبي حمل اسم: "الصحة والسلامة المهنية لمهندسي النظافة"، لتدريبهم على الإسعافات الأولية والتغذية الصحية المناسبة لهم، والمرحلة الرابعة كانت عبارة عن إنتاج مقطع فيديو عن مراحل المشروع ونشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وبحسب ما أفاد صوان هناك مراحل قادمة، مع تكرار بعض المراحل لتشمل قطاع غزة كافة، وفي شهر رمضان تحديدًا ستنفذ أفكار جديدة بنمط جديد، "ففي الشهر الفضيل لن ننسى مهندسي النظافة وعائلاتهم"، والقول له.

أضاف: "في المراحل القادمة نسعى إلى تغيير اللقب رسميًّا، فيعتمد "مهندس نظافة" في الكتب الدراسية، على سبيل المثال، ولكننا بحاجة للتمويل لنكمل مسيرتنا".

خارج القطاع

ولأن المبادرة أوسع من حدود القطاع تواصل القائمون عليها مع المعنيين خارجه، وعن ذلك قال محمود صوان: "تواصلنا مع بلديات الضفة الغربية، وأخذنا موافقات مبدئية على تنفيذها هناك بعد انتهاء انتخابات البلديات من طريق الشباب المبادرين الذين تواصلنا معهم ليتولوا مهمة تفعيلها، وكذلك تواصلنا مع المعنيين في الأردن، ولاقت فكرتنا تأييدًا وتشجيعًا كبيرين هناك".

وأكمل: "أشركنا مهندسي النظافة في المراحل الأربع للمبادرة، لأنهم يشكلون الفئة الأساسية فيها، وفي البرنامج التدريبي الذي خضع له عينة منهم حاولنا تحفيزهم، وتغيير نظرتهم إلى أنفسهم، وزيادة اهتمامهم بسلامتهم، كتعريفهم كيفية التعامل مع القطع المؤذية في القمامة التي تسبب لهم أضرارًا كالجروح".

أضاف صوان: "عقدنا اجتماعًا مع بعضهم، واستمعنا لشكاواهم، وكان أبرز ما طالبوا به اهتمام البلديات بهم، وتعويضهم عن ساعات العمل الكثيرة، وتحسين رواتبهم، وإعطاءهم أجرًا عن عملهم في يوم الجمعة، وقد جهّزنا هذه الشكاوى وغيرها لنرفعها إلى رئيس البلدية".

وعن تفاعل الجهات ذات العلاقة قال: "حتى الآن لا يوجد تعاون مشترك مع البلدية، ولكن نسعى أن يساعدنا رئيسها على تحقيق أهدافنا بعد أن نلتقيه في الأيام القادمة"، متابعًا: "نحن بحاجة لمن يدعم الأفكار التي تخدم طبقة كبيرة في القطاع، وتدفع بعجلة التقدم، فتغيير العقول يحتاج إلى جهد كبير".

"بعد هذه الجهود، ما رد فعل الفئة المستهدفة؟"، أجاب صوان: "وجدنا السعادة الغامرة في وجوههم، وفي أثناء حديثنا المباشر معهم باحوا بمشاعرهم بعد المبادرة، وقد لمسنا التغيير عليهم خلال اللقاءات، ومن ذلك اهتمامهم بأنفسهم وبلباسهم أكثر".

ومن أمثلة ردود الأفعال هذه أن أحدهم قال لأعضاء الفريق: "اليوم شعرت بمدى قيمتي في المجتمع؛ فلقب مهندس النظافة أضاف لي الكثير، وهذا يساهم في تغيير النظرة السلبية للمجتمع إلي وإلى زملائي، وعندما يسأل الناس أبنائي: "ما وظيفة أبيكم" يجيبون: "مهندس نظافة"، فيخرجون من الإحراج الذي كانوا يقعون فيه سابقًا".

ومن وجهة نظر صوان حققت المبادرة نتائج كبيرة، بجهد شبابي عظيم، وبأفكار أول مرة تُنفّذ في فلسطين، ولاقت اهتمامًا كبيرًا من وسائل إعلام محلية وعالمية.