الحرمان الذي يفرضه الاحتلال على الفلسطينيين بعدم السماح لهم بزيارة المسجد الأقصى، بزعم المانع الأمني في غير شهر رمضان؛ جعل الآلاف منهم يجدون في شهر رمضان فرصتهم الوحيدة لزيارة القدس من بوابة معبر قلنديا، الذي يوجد فيه "ممر إنساني"، حسب مزاعم الاحتلال الإسرائيلي.
الحاج الستيني محمود جعيدي "أبو السعيد" من قلقيلية يحرمه الاحتلال زيارة القدس إلا في شهر رمضان، بحجة المانع الأمني، يقول في لقاء معه: "أضطر إلى الذهاب إلى معبر قلنديا والسفر أكثر من 80 كم من قلقيلية إلى قلنديا، حتى أستطيع دخول القدس يوم الجمعة".
ويشير إلى أنه محروم القدس طوال العام، مع أن معبر قلقيلية الشمالي يبعد عن منزله 600 متر فقط، لكن إدارة المعبر تمنع دخوله بحجة الرفض الأمني، "فهذا هو الاحتلال يحرم ويمنع بمزاجه دون اعتبار للسن والحالة الصحية"، وفق قوله.
يضيف جعيدي: "في أول جمعة رمضانية سألتقي القدس والمسجد الأقصى بعد غياب طويل، وهذا العشق يتجدد في رمضان مع أول جمعة رمضانية، ولو يسمح لي الاحتلال بالوصول إلى المسجد الأقصى في غير رمضان لما انقطعت عنه أيامًا قليلة".
التسجيل لرحلة رمضان نحو المسجد الأقصى يبدأ مبكرًا، والتحضير لها يشغل بال الكثيرين المحرومين زيارة المسجد الأقصى، على كبر سنهم وتجاوزهم الخمسين عامًا والستين عامًا.
الحاج نبيل ولويل (75 عامًا) من مدينة قلقيلية يضطر إلى الذهاب إلى قلنديا، واستخدام الممر الإنساني في المعبر حتى يستطيع الوصول إلى المسجد الأقصى.
يقول الحاج ولويل: "الاحتلال يدعي أنه يقدم تسهيلات في شهر رمضان للوافدين إلى المسجد الأقصى، وهذا الأمر لذر الرماد في العيون، فأنا لا يحق لي المرور من أي معبر سوى قلنديا".
ويتابع: "معبر قلقيلية القريب من سكني بمسافة كيلو متر واحد لا أستطيع استخدامه، لوجود مانع أمني في ملفي، وعندما راجعت الارتباط المدني لم يكن هناك أي رد من قبل الاحتلال".
ويشير الحاج ولويل إلى أن هذا الظلم مخفى وصامت لا يعلم به الإعلام، قائلًا: "وعند وصولنا إلى معبر قلنديا يتعمد بعض الضباط إخضاعنا إلى الفحص الأمني على كبر سننا"، لافتًا إلى أن إدارة المعبر تعلم أن معظم القادمين إلى معبر قلنديا ممنوعون أمنيًّا، لذا يقومون بعملية فحص عشوائية تطال كبار السن.
ويشدد على أن القدس تستحق منهم كل التضحية، مؤكدًا أنه ليلة الذهاب إلى القدس والمسجد الأقصى لا ينام فرحًا وطربًا بلقاء أولى القبلتين.
ويرى الشيخ رياض ولويل (65 عامًا) الذي أمضى عدة سنوات في سجون الاحتلال شهر رمضان فرصة ذهبية للممنوعين من دخول القدس والصلاة في المسجد الأقصى، ويقول: "لا يشعر بقيمة هذه الزيارة إلا المحروم منها، ومعبر قلنديا يمثل لي ولكل المحرومين وسيلة التواصل مع المسجد الأقصى بعد إغلاق القدس بالجدار وعزلها عن محيطها، فقبل الجدار العنصري كنا نزور المسجد باستمرار في غير أيام الجمع ورمضان، وكانت تقام فيه الفعاليات والمناسبات الدينية ونذهب إليه للمشاركة فيها".
يتابع قائلًا: "منعنا من دخول القدس والصلاة ونحن كبار السن جريمة، فالاحتلال يدعي التسهيلات، ويجبرنا على رحلة شاقة وازدحام مؤلم في معبر قلنديا، ويحضر كاميرات الإعلام لتصوير الآلاف المؤلفة من الوافدين من مناطق الضفة الغربية جميعًا، لإظهار أن الاحتلال لا يغلق القدس".
منظم رحلة أول جمعة رمضانية كمال شريم من قلقيلية يقول: "تحضير الراغبين بزيارة المسجد الأقصى لهذه الرحلة لا يتوقف، فالهاتف لا يتوقف عن الرنين للحجز ومعرفة التفاصيل المرافقة لها من قبل أسبوع، ولا يوجد متسع لكل الراغبين، فيضطروا إلى استئجار مركبات عمومية أو الذهاب في سيارات خاصة، وبعضهم ينام في رام الله مساء الخميس حتى يصل مبكرًا إلى معبر قلنديا دون زحام وتدافع".