بعيدًا عن اللغة الدبلوماسية المفارقة للحقيقة عادة، فإن منظمة التعاون الإسلامي لا تختلف في عجزها وفشلها عن الجامعة العربية العتيدة. بل ربما تزيد عنها بعدد من (الحردانين؟!) الذين لم يحضروا مؤتمر اسطنبول زعلًا من تركيا والرئيس أردوغان، أو كراهية لزعيمها؟!
لا أود أن أوازن بين مواقف تركيا من نقل أميركا لسفارتها إلى القدس، ومن مجزرة غزة، ومواقف الدول (الحردانة) عن اجتماع اسطنبول، فهذا أمر معروف وواضح لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. ولكني أرى ما يراه غيرى من العرب والمسلمين، أن هذه المنظمات العربية والإسلامية باتت عاجزة عن خدمة القضايا العربية والإسلامية، بما فيها القضية الفلسطينية، لأن الدول المشاركة في عضوية هذه المنظمات بينها من الخلافات والضغائن ما بينها مما يحول بينها وبين النجاح.
البيان الختامي لمنظمة التعاون الإسلامي طالب بالحماية الدولية للفلسطينيين، وبرفع الحصار عن غزة، وبتشكيل لجنة تحقيق محايدة في مجزرة غزة، وهدد الدول التي تنقل سفاراتها إلى القدس بعقوبات سياسية واقتصادية. ولم يتخذ أدنى عقوبة ضد أميركا وغواتيمالا.
بعد البيان غادر المجتمعون اسطنبول ولديهم إحساس بأنهم قاموا بالواجب، حتى وإن كانت قلوبهم تشعر بالعجز أمام سطوة أميركا وإسرائيل. في غزة لا يشعر السكان بنتائج اجتماع منظمة التعاون، كما لم يشعروا بنتائج اجتماع جامعة الدول العربية. ولا أظن أن المنظمتين مؤهلتان للنجاح، أو لعمل ملموس لغزة، وللقدس، غير الخطاب الإعلامي المشحون بالشجب لرفع العتب، ومواجهة غضب الشعوب.
إذا كانت هذه الدول (العربية والإسلامية) عاجزة عن رفع الحصار عن غزة على مدى أحد عشر عاما، فكيف لها أن تنجح في معركة القدس، ونقل سفارات الدول إليها؟! إن للنجاح إرادة، وفاقد الإرادة لا يمكن أن ينجح البتة، وجل هذه الدول مجروحة الإرادة، ولا تملك نية النجاح للأسف. ومع ذلك فإن الدبلوماسية تقتضي شكر أردوغان وتركيا، وكل الدول التي حضرت المؤتمر، فهم في النهاية أفضل من جماعة الحردانين.