فلسطين أون لاين

​اللقاء الأخير الذي جمع الشهيد معين الساعي بعائلته

...
جانب من تشييع الشهيد الساعي بغزة أمس (تصوير / رمضان الأغا)
غزة - جمال غيث

تجمعوا حول والدهم في منزلهم الكائن في معسكر الشاطئ غرب مدينة غزة، ليس للجلوس على سفرة رمضان بل لإلقاء نظرة الوداع عليه قبل أن يوارى جسده الثرى.

حاول الأشقاء الأحد عشر، محادثة والدهم والدموع تنساب من أعينهم، بعد أن علموا أن هذا آخر لقاء سيجمعهم به، محاولين ضمه إلى صدورهم وطبع بعض القبلات على جبينه والدموع تنساب من أعينهم لتتساقط على وجنات والدهم معين الساعي الذي استشهد متأثرًا بإصابته برصاص الاحتلال في صدره، خلال مشاركته في "مليونية العودة" يوم الاثنين الماضي، شرق مدينة غزة.

حرص الساعي (58 عامًا) على الحضور والمشاركة في فعاليات الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار.. ولم يتوانَ في لحظة عن التوجه لمخيم العودة المقام شرق مدينة غزة، والقول لنجل الشهيد محمود الساعي.

"قبل إصابته بأيام، حرص على الجلوس معنا وكان يحدثنا دومًا عن بلدته الأصلية يافا وتحديدًا حي العجمي الذي سكنه آباؤه وأجداده".. وتوقف الساعي عن الحديث لثوانٍ معدودة قبل أن يكمل حديثة والدموع تتلألأ في عينيه، قائلاً: "كان يشعر أن نهايته باتت قريبة فحاول ختمها بحبه ودفاعه عن الوطن".

وأخذ وسيم الساعي، يدعو لشقيقه الشهيد، مستذكرًا بعض مواقفه، وحرصه الشديد على المشاركة في فعاليات مسيرة العودة وكسر الحصار، ويحث أبناءه على الدفاع عن أرضهم ومواصلة العمل لاستعادة ديارهم التي هجروا منها على يد العصابات الصهيونية عام 1948.

وتعود وجنات وجه الساعي، يكسوها الحزن مما حدث، قائلًا: "لن نتخلى عن أرضنا، ولن ننسى الشهداء ولا بد أن نعود إليها مهما تآمر علينا بعض العرب وتحالفوا مع الاحتلال الإسرائيلي ووقفوا إلى جانبه ضد شعبنا وحقوقه ومقدساته".

ورغم مشاهد الحزن والألم التي سيطرت على عائلة "الساعي" إلا أنها بدت متماسكة، وحريصة على حق العودة إلى القرى والديار التي هجروا منها منذ (70 عامًا).

ويقول الساعي، لصحيفة "فلسطين": إن استشهاد شقيقي لن يزيدنا إلا إصرارًا وثباتًا وتمسكًا بحقهم في العودة إلى مدينتا الأصلية "يافا" ولن نتخلى عنها رغم إجرام الاحتلال واستهداف شعبنا وقتله العمد.

لم يغادر الشهيد الساعي، الدنيا قبل أن يترك حبًا في صفوف أبنائه وجيرانه الذين حضروا منذ إعلان وزارة الصحة عن استشهاده لمجمع الشفاء الطبي "ثلاجات الموتى" للمشاركة في جنازة التشييع.

ويقول جهاد عياد، لصحيفة "فلسطين" وهو أحد جيران الشهيد، كان "معين" محبًا للجميع حريصًا على الجلوس مع جيرانه وأصدقائه في الحي ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم فاتسم ببساطته وهدوئه.

وسرعان ما انطلق عياد، وعدد من أصدقائه وجيرانه، للمشاركة في موكب التشييع الذي انطلق من مجمع الشفاء الطبي إلى مسقط رأس الشهيد في معسكر الشاطئ، وأداء الصلاة الجنازة عليه في المسجد الأبيض، ثم الانطلاق إلى مقبرة الشيخ رضوان بمدينة غزة، لدفنه.

وارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي الاثنين الماضي مجزرة بحق متظاهرين سلميين على حدود قطاع غزة، خلال مشاركتهم في "مليونية العودة" بعدما أطلق عليهم الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع بشكل مباشر، ما أدى لاستشهاد نحو 65 فلسطينياً وجرح أكثر من 3188 آخرين بجراح متفاوتة.

وجاءت "مليونية العودة" للتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى أراضيه وقراه المحتلة التي هجروا منها على يد العصابات الصهيونية عام 1948، وتنديدًا بنقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" إلى مدينة القدس المحتلة.

وانطلقت فعاليات المسيرة، منذ 30 مارس/آذار الماضي، حيث يتجمهر المتظاهرون في مسافة تبعد عن السياج الفاصل بين شرقي قطاع غزة وأراضيهم المحتلة عام 1948 بحوالي 700 متر.