فلسطين أون لاين

​رمضان اليمن.. الفرحة المنزوعة من فوّهة الكلاشنكوف!

...
الصحفي اليمنيّ أشرف الريفي
غزة / صنعاء - حنان مطير

أصوات المدافع وأزيز الرصاص أسكتت مدفع رمضان الذي ظل لقرون طويلة يحمل البهجة والفرح في قلوب أهل اليمن، إلا أن اليمنيين يكافحون الأوضاع السيئة التي تعيشها البلاد بروح التكافل والتعاون لتصل الطمأنينة والروحانية لكل بيت في شهر رمضان المبارك.

فللعام الرابع على التوالي يأتي رمضان في اليمن دون أن تصوم المدافع والطائرات، بقدر صوم الحكومة عن صرف مرتبات مئات الآلاف من الموظفين واشتعال أسعار المواد الغذائية، وعجز قطاع واسع من اليمنيين عن توفير مستلزمات هذا الشهر، لكن الحياة لم تنته في هذه الظلمة، فمصابيح الأمل تشع من مبادرات الخير وروح التكافل التي عرف بها اليمني على مدار التاريخ، لتُذكِّرنا تلك البلاد اليمنية بمعاناة فلسطين التي تنتزع الفرحة في كل مناسباتها رغم أنف الاحتلال الإسرائيلي.

يخبرنا بتلك التفاصيل وغيرها الصحفي اليمنيّ أشرف الريفي في مهاتفةً له من غزّة للحديث عن الأجواء التي يقضيها اليمنيون في شهر رمضان.

ترويح للنفس

فيروي لـ "فلسطين" أن اليمنيين يستعدون لاستقبال الشهر الكريم بروح العابد التقي الذي يحتفي برمضان كمحطة ترويح للنفس وصفاء للسريرة ، للتخفيف من ويلات حرب فرضت عليهم وأذاقتهم مآسيها الكبيرة.

ويقول :" مشاريع حياة تنبض من قلب الشعب اليمنيّ في ظل صرخات الموت ومشاريعه، ولعل الضوء الكبير يأتي من أبناء اليمن في الخارج الذين يشاركون إخوانهم همهم من خلال مبادرات مجتمعية لتوفير مستلزمات رمضان الغذائية للأسر المعدمة والفقيرة ومساعدتهم ماديا".

ويضيف:" هذه المبادرات لم تتوقف على المغتربين فقط بل يساهم فيها فاعلو الخير وتجار، ورجال أعمال وجمعيات خيرية".

ولعل هذه المبادرات الجيدة تعزز قيم الشهر الكريم بالمحبة والتآخي والتعاون ، وهي مساعي لانتزاع الفرحة من فوهة الكلاشنكوف والابتسامة في وجه الوضع الاقتصادي المتردي.

إرادة شعب

لكن الصورة ليست قاتمة في بلد يمتلك إرادة صلبة ويعيش في عراك دائم مع موجات الحياة القاسية، حيث يوضح الريفي أن الأسواق مليئة بالسلع الخاصة بالمائدة الرمضانية منذ منتصف شهر شعبان والحركة التجارية رغم تواضعها لم تتوقف. والاستعدادات لموائد الافطار الجماعي في المساجد والأحياء مستمرة.

فالبعض ممن غادرت الكهرباء مدينته صنعاء يستعد لاستقبال رمضان بشراء لوح طاقة شمسية ومستلزماته لإنارة منزله ومتابعة المسلسلات والبرامج الرمضانية، فيما غادر آخرون صوب قريتهم ليعيشوا أجواء رمضان في طقوسه الريفية.

ويواصل الريفي: "يستعد المواطنون في الأحياء والحارات لحملات نظافة لأحيائهم قبل رمضان بأيام، فيما تنفذ ربات المنازل حملات تنظيف لمنازلهن استقبالا للشهر الفضيل".

ورغم الثلاث السنوات الفائتة من الحرب الا أن أصحاب المنازل في مدينة إب يقفون على أبواب المساجد لأخذ العمال ومن ليسوا مستقرين في المدينة إلى منازلهم للإفطار سويا وهي عادة اشتهرت بها المدينة منذ سنوات بعيدة ولم تنته بعد رغم سوء الاوضاع الاقتصادية والأمنية في البلد وفق حديث الريفي.

وكغيرها من المدن ينتعش ليل عدن بالتسوق والأمسيات الرمضانية البهيجة وهي المدينة التي تعيش أجواء صيف شديد الحرارة وتعاني من انقطاعات التيار الكهربائي فيها، إلا أن أبناء المحافظات الساحلية كعدن وحضرموت والحديدة اعتادوا على مثل هكذا وضع وأوجدوا حلول جزئية بجهود ذاتية.

أما عن المائدة الرمضانية اليمنية كما يخبرنا الريفي فتمتاز بالتنوع والفرادة حسب كل مدينة ولعل أبرز الوجبات فيها هي الشفوت ،والشربة، والسلته ،والفته بالسمن والعسل، والكبسة ،والعصيد ،والزربيان العدني ،والكبسة، وشوربة الأرز، والطفاية ،وصانونة السمك.

ويتابع: "تبقى المساجد عامرة بذكر الله والعبادات وحلقات قراءة القرآن الكريم والتذكير بفضائل شهر رمضان، فيما تنظم المسابقات الدينية فيها على مدى أيام الشهر".

ومنذ منتصف رمضان يتنقل مجموعة من الأشخاص بطبولهم بين القرى والمرور على كل بيت، حيث يتم امتداح كل أسماء أفراد المنزل من الذكور ببيت شعر شعبي مقابل الحصول على مبلغ من المال، وتخلق هذه الظاهرة البهجة في نفوس الناس الذين يستمعون لها بسرور.

وفي عدد من المدن التي لا تعيش أجواء حرب تنظم الفرق الرياضية مسابقات كروية بين الاندية تتميز بالندية والحضور الجماهير في بلد توقف فيه النشاط الرياضي والدوري العام لكرة القدم منذ بداية الحرب التي لم تسلم من دمارها المنشآت الرياضية والأندية.

كل هذه الجهود بمثابة ابتسامة خجولة من وسط الرماد والخراب والنزيف اليومي ولو لشهر واحد يستريح فيه اليمنيون من عبئ موجع أثقلت ظهورهم به الحرب.