في أجواء رمضانية مفعمة بحب القدس، ومع حرارة الدم المتدفق من شرايين غزة الثائرة، وفي اسطنبول الإسلامية الغاضبة من الإرهاب الصهيوني، وتحت رئاسة رجب طيب أردوغان، الرجل الذي تجاوز بتطلعاته التحررية حدود تركيا، جاءت مقررات قمة اسطنبول التي وضعت كثيراً من النقاط على حروف القضية الفلسطينية التي تم تقزيمها سنوات طويلة تحت مسمى النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، لتنطلق اليوم إلى فضاء أرحب، تحت مسمى الصراع الإسلامي الصهيوني، وفي تقديري أن هذه الشمولية للصراع كانت أحد أسباب غياب السيد محمود عباس عن أهم قمة لمنظمة التعاون الإسلامي.
لقد تجاوزت مقررات مؤتمر قمة منظمة التعاون الإسلامي إطار الشجب والإدانة والتحذير والاستنكار والمناشدة لتصل إلى المطالبة، حيث وردت المطالبة في موضعين:
1ـ طالب البيان الختامي المؤسسات الدولية باتخاذ الخطوات اللازمة لتشكيل لجنة تحقيق دولية حول الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على حدود غزة، وإرسال قوة دولية لحماية الفلسطينيين.
إن المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق دولية فيها تحريض لذاكرة المجتمع الدولي كي يقلب صفحات تقرير غولدستون، وفيها استنهاض لطاقة الفلسطينيين كي يثقوا بمنظمة التعاون الإسلامي للقيام بدورها، ولاسيما بعد أن حال السيد محمود عباس بين تقرير جولدستون، وبين عرضه على الأمم المتحد لاتخاذ الخطوات القانونية لمحاسبة قادة الصهاينة على جرائهم بحق أهل غزة.
2ـ طلب البيان الختامي لقمة إسطنبول، من الأمين العام للتعاون الإسلامي التحرك العاجل لإنشاء لجنة خبراء دولية مستقلة للتحقيق في جرائم ومجازر القوات الإسرائيلية ضد المتظاهرين السلميين بغزة، وتحديد المسؤولية الجنائية للسلطات الإسرائيلية، ونقل النتائج التي تخلص إليها اللجنة إلى الهيئات الدولية ذات الصلة.
إذن نحن أمام لجنتي تحقيق دوليتين في جرائم الصهاينة ضد غزة:
اـلجنة تحقيق دولية برعاية الأمين العام للأمم المتحدة،حيث دعا البيان، مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، إلى القيام بمسؤولياتهم بشأن تشكيل لجنة تحقيق دولية حول الاعتداءات في غزة، كما حث جميع الدول لتكثيف جهودها من أجل وضع ذلك على أجندة المؤسسات الدولية المذكورة في أسرع وقت.
ب ـ لجنة تحقيق دولية برعاية الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي.
وفي تقديري أن اللجنة الدولية الثانية ستؤثر بنتائجها على اللجنة الدولية الأولى، وهذا يصب في صالح المجتمع الفلسطيني الذي يعرف قاتله، ويسعى إلى تقديمه للعدالة الدولية.
المتابعة لتشكيل هذه اللجان الدولية منوطة الآن بالأمين العام للمنظمة، يوسف بن أحمد العثيمين، وهو المطالب بالتحرك على المستوى الدولي لإنجاز هذه المهمة، وعلى وجه السرعة.
اللافت أن بيان اسطنبول لم يكتف برفض قرار ترامب حول القدس، البيان الختاميللمؤتمر شدد على ضرورة اتخاذ تدابير سياسية واقتصادية تجاه الدول التي اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهذا أمر جديد، يحتاج إلى متابعة من قبل الفلسطينيين، وكذلك ما جاء من دعوة إلى توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني، بما في ذلك إرسال قوة دولية للحماية، وفي تقديري أن هذا تطور سياسي له ما بعده من فرض حقائق على الأرض، لو تابع الفلسطينيون ذلك.