فلسطين أون لاين

تل الرميدة وشارع الشّهداء.. رمضان بطعم الإغلاق

...
الخليل/ خاص "فلسطين":

يحبس المواطن عماد أبو شمسية (50 عامًا) نفسه وأفراد عائلته مضطرًّا في شهر رمضان داخل المنزل، ويحظر عليه الخروج أو استقبال المواطنين، في بيته المحاصر بجدران أقامها الاحتلال، وأبقى له مدخلًا يتيمًا في وسط حيّ تل الرميدة بمدينة الخليل، جنوب الضّفة الغربية.

لكن الحصار المفروض على منزله أقلّ وطأة من الحصار الذي فرضه الاحتلال أخيرًا على حيّ تل الرميدة، بعد تحويل الحواجز المؤدّية إليه إلى ما يشبه المعابر، ولا يسمح إلّا لسكان الحيّ فقط بالدخول ويمنع الآخرين.

ويأتي رمضان الثالث على أبو شمسية وهو يعيش حياة رمضانية لا يتمكن فيها من مشاركة النّاس في مناسباتهم أو استقبالهم، يبين في حديثه إلى "فلسطين" أنّ حياته باتت قاسية بفعل هذا الإجراء، قائلًا: "رمضان هو شهر للتزاور والتفاعل مع النّاس، لكنّنا بتنا خلال الأعوام الماضية نحيا حياة مغايرة، ونعيش تحت حصار كبير لم نعهده من قبل".

ويلفت أبو شمسية إلى أنّ حيّ تل الرميدة كان ينبض بالحياة على مدار تاريخ مدينة الخليل، كونه قلب المدينة، وكان السّكان يتفاعلون تفاعلًا كبيرًا في الشّهر الكريم.

ويستدرك بقوله: "لكنّ الحال اليوم مختلفة، إذ تقطن في المكان عدّة عائلات للمستوطنين، وتحوّل الحيّ إلى ما يشبه المستوطنة الحقيقية، ويسمّيها المستوطنون (رمات يشاي)، ويضيق على ما تبقى من عائلات صامدة في الحيّ، من أجل إجبارها على الرحيل والتوسّع على أنقاضها".

ولا يختلف حال شارع الشهداء المجاور كثيرًا عن حيّ تل الرميدة، بل يعيش المواطنون حياة أقسى، يتخللها تماس مباشر ويومي مع جنود الاحتلال، الذين يوفّرون الحماية لعشرات العائلات من المستوطنين التي تسكن مجاورة للمنازل الفلسطينية، وفي منازل فلسطينية قديمة سيطر عليها في مراحل عديدة تلت احتلال مدينة الخليل.

ويفيد المواطن مفيد الشرباتي أحد سكّان الحي أنّ الاحتلال يشدّد من إجراءاته على الحواجز العسكرية، أو ينشر جنوده داخل أحياء الشارع خلال شهر رمضان المبارك.

ويلفت إلى أنّ العائلات القاطنة في الشارع تضطر إلى ممارسة طقوسها العادية دون أجواء رمضانية عاشتها المنطقة طيلة تاريخ مدينة الخليل، فشارع الشهداء كان شريان الحياة النابض في قلب المدينة، قبل إغلاقه بالحواجز العسكرية بعد مجزرة المسجد الإبراهيمي وانتفاضة الأقصى مطلع الألفية الثانية.

ويبين الشرباتي أن أكثر ما عزّز التضييق والعزل لسّكان شارع الشهداء الإحصائيات التي نفّذها جيش الاحتلال للسّكان قبل نحو عامين، وفيها حول السّكان القاطنين فيه إلى أرقام بدل الأسماء، يسمح لهم بالمرور من الحواجز العسكرية بناء على نظام الأرقام.

ويشير إلى تحديد ساعات محددة في كثير من الأحيان لدخول السكان، وإغلاق الحواجز في بعض الأوقات بذرائع مختلفة، منها أعياد المستوطنين، أو بعض الحوادث الأمنية.

ويعرب الشرباتي عن أمله في أن تستعيد هذه الأمكنة حيويتها وهويتها العربية والفلسطينية، خاصّة بعد أن حوّلها الاستيطان والمستوطنون إلى ما يشبه المنطقة اليهودية، بإضفاء الطابع الإسرائيلي عليها، بتغيير أسماء الشوارع إلى اللغة العبرية، وإطلاق بعض المسميات العبرية عليها، ونفي الوجود العربي والفلسطيني.

ويلفت إلى أن السّكان القاطنين في المنطقة ما زالوا يستحضرون ذكرياتهم القديمة مع شهر رمضان في هذه المواقع، ويحاولون الخروج لصلاة الفجر أو التراويح، وتجاوز كلّ الحواجز والمعيقات، والوصول إلى المسجد الإبراهيمي، كما كانوا يفعلون في الأيام الخوالي التي سبقت الإجراءات العسكرية الراهنة، وما أعقبها من تحوّلات على حياة المواطنين.