قال تعالى: [وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ] {الذاريات:56}، فالله تعالى خلقنا, وأمرنا بعبادته, وجعل للطاعة مواسم تزيد فيها الأجور, ومن تلك المواسم: شهر رمضان المبارك.
فإن من رحمة الله وفضله علينا أن جعل لنا في هذه الحياة الدنيا محطات نتزود فيها بالإيمان والتقوى، ونمحو ما عُلِّق بقلوبنا من آثار الذنوب والغفلة نلتقط فيها أنفاسنا، ونعيد ترتيب أوراقنا فنخرج منها بروح جديدة، وهمة عالية، وقوة نفسية.
شهر رمضان فرصة عظيمة للطاعة, والتقرب إلى الله تعالى, وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من تضييعه وخسرانه, فقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه:" أحضروا المنبر فلما ارتقى درجة قال: آمين، فلما ارتقى الثانية قال: آمين، فلما ارتقى الثالثة قال: آمين، فلما نزل قلنا: يا رسول الله.. لقد سمعنا منك اليوم شيئًا ما كنا نسمعه؟ قال: إن جبريل عرض لي فقال: بعُد من أدرك رمضان فلم يغفر له قلت: آمين، فلما رقيت الثانية قال: بعُد من ذكرتَ عنده فلم يصلِّ عليك، فقلت: آمين، فلما رقيت الثالثة قال: بعُد من أدرك أبويه الكبر عنده أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة قلت: آمين" (رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي).
فمن الذى يظن أنه سينجو من دعوة أعظم ملك يؤمِّن عليها أعظم نبي صلى الله عليه وسلم بل إنه صلى الله عليه وسلم تولى مهمة الدعاء بنفسه في موضع آخر فقال:" رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له"؛ أي لصق أنفه في التراب، كناية عن حصول غاية الذل والهوان؛ وذلك لأنه فرط في حق نفسه حتى مضى الشهر ورحل وهو شهر واحد في العام، فعليك أن تغتنم هذا الشهر حتى يرفعك الله ويعزك وإلا غرقت في بحر الهوان.
فلا مسلم يحب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم عليه, والكل يخشى منها, فرمضان فرصة للطاعة, ومحطة للتزود للآخرة, يجب الحرص عليه, وعدم التفريط في أوقاته.
والحمد لله رب العالمين, وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وصحبه وسلم.