فلسطين أون لاين

​الحرب على القدس تحتدم في 2016

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة / غزة - حازم الحلو


تمر السنوات على مدينة القدس، وما تزال تئن تحت وطأة الاحتلال، الذي يمارس كل أنواع القهر والاعتداءات بحق المقدسيين، فما أن يصطدم المقدسيون بقرار اسرائيلي يقيد وجودهم، إلا ويجدون في انتظارهم قرارا آخر.

وكان 2016 من أكثر السنوات قسوة على المقدسيين، ففيه أقدم الاحتلال على سن قانون منع الاذان، في مسعى لقتل الوجود الاسلامي في المدينة، وكان قد سبق ذلك قرار اعتبار المرابطين في المسجد الاقصى أصحاب جرم يستوجب العقاب حسب القانون الاسرائيلي.

وأظهرت الاحصائيات، أن 2016 شهدت ارتفاعا ملموسا في أعداد المستوطنين الذين يقتحمون الأقصى والتجاوزات التي يرتكبونها.

ووفقا للإحصائيات التي اصدرتها دوائر مقدسية، فقد اقتحم المسجد في 2016 نحو 14 ألف و729 مستوطنا، مقارنة بـ 6 آلاف و230 مستوطنا اقتحموه خلال عام 2012.

وازدادت الاقتحامات، خلال 2016 بنسبة 27% عما كانت عليه في 2015 إذ اقتحم المسجد 11 ألفا و589 مستوطنا في حينه، والتي ارتفعت بنسبة 24% إذا ما قورنت بعام 2014 عندما اقتحم الأقصى 11 ألفا و 878 مستوطنا.

والبند المتعلق باحترام الدور الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن المقدسة في القدس، في اتفاقية وادي عربة الموقعة بين الأردن وسلطات الاحتلال الإسرائيلي في 1994، لم يثن الأخيرة عن مواصلة الاقتحامات.

ويصف أمين سر الهيئة الاسلامية العليا في القدس الشيخ جميل حمامي، 2016 بأنه كان "من أسوأ" السنوات التي تمر على مدينة القدس منذ احتلالها، مشيرا الى ان اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه فاقت حد التصور وأخذت ابعادا جديدة.

ويوضح لصحيفة "فلسطين"، أن الخطر الذي تتعرض له القدس المحتلة بشكل عام، والأقصى بشكل خاص، يأتي ضمن برنامج وضعه الاحتلال لتغيير معالم المدينة المقدسة التاريخية والجغرافية والحضارية.

ويبيّن أن حرب الاحتلال ضد الأقصى والمقدسيين أخذت منحى خطيرا خلال 2016، حيث أقر مظاهر الرباط في الأقصى "كأعمال خارجة عن القانون"، وتصنيفه المرابطين والمرابطات على أنهم منتمون "لتنظيمات إرهابية".

ويشير الى أن سلطات الاحتلال تحاول ان تستخرج أقصى ما لديها من أجل معاقبة المقدسيين والمرابطين، الذين لم تثنهم هذه الممارسات عن شد الرحال والرباط والنفير الى الأقصى.

وينوه إلى أن سلطات الاحتلال لا تكترث سوى لإرضاء المستوطنين والمتطرفين في الشارع الاسرائيلي، على حساب المرابطين والأقصى، مؤكدا أن أحزاب الاحتلال اصبحت تنافس بعضها في التزلف للمستوطنين ومعاداة المقدسيين.

ومن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في القدس- يقول حمامي- أوامر الإبعاد التعسفية، واحتجاز البطاقات الشخصية للمسلمين كشرط للدخول، واعتقال أي شخص يهتف بـ "الله أكبر"، وانتهاكات أخرى غير مسبوقة كمًا وكيفًا.

ويرى أن التفاعل الشعبي والرسمي عربيا وإسلاميا، مع مستجدات معاناة المقدسيين، يتسم بالطابع "الباهت والخجول"، معتبرا أن الاحتلال استغل انشغال الشعوب العربية في قضاياها الداخلية للاستفراد بالقدس والمقدسيين.

ويحذر حمامي، من أن المرحلة التي يمر فيها الأقصى حاليًا، هي الأخطر في تاريخه، وهي ليست عاصفة مارّة، بل هي مدمّرة، لافتا الى أن هذه المرحلة هي "تكسير عظام" داخل الاقصى من قبل الاحتلال والمستوطنين، والجميع يتحمل المسؤولية المباشرة؛ قادةً وشعوبًا وعلماء.

ويدعو السلطة الفلسطينية لتعزيز صمود أهل القدس وربط هذا البرنامج بآلية دعم كامل للمقدسيين، اضافة إلى رفض أي تجاوب في العملية السياسية الخارجية, إذا لم تتوقف إجراءات الاحتلال التعسفية ضد القدس بكل مكوناتها.

حفريات وتضييق على المقدسيين

من جهة ثانية، يعرب سكان بلدة سلوان جنوب الأقصى عن خشيتهم من أن يؤدي هطول الأمطار في فصل الشتاء إلى حدوث انهيارات أرضية في الشارع الرئيسي الممتد من جدار المسجد الجنوبي، بسبب حفريات الاحتلال المتواصلة.

ووفقا لوكالة الأنباء الرسمية التابعة للسلطة الفلسطينية "وفا"، فإن التخوفات من هذه الانهيارات تشمل ايضا شارع حي وادي حلوة، وصولا الى أحياء البستان وعين اللوزة وبئر أيوب، بسبب الحفريات المتواصلة التي تجريها أذرع الاحتلال لشق أنفاق أسفل المنطقة، وتفريغها من الأتربة.

وكانت المنطقة شهدت في السنوات الماضية انهيارات أرضية، وتصدعات في المباني والمنشآت في الشارع الرئيسي، وفي مدرسة للبنات تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فضلا عن انهيار قرب مسجد العين الرئيس في المنطقة، في حين شرعت بلدية الاحتلال في الآونة الأخيرة بإغلاق حي وادي حلوة بسبب أشغالٍ وحفريات متواصلة في الشارع الرئيسي.

ومنذ 1967، أقام الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية 196 مستوطنة تشمل مستوطنات القدس إلى جانب نحو 100 بؤرة استيطانية عشوائية، ويسكن تلك المستوطنات ما يزيد عن نصف مليون مستوطن على مساحة تقدر بـ196 كم2، بحسب مراقبين.

ويؤكد رئيس لجنة الدفاع عن اراضي القدس صالح شويكي، أن الاحتلال شن خلال 2016، حربا "مجنونة وهستيرية" على القدس والأقصى، مشيرا الى أن المدينة المحتلة "تحت الخطر الداهم والمؤكد".

وفي حديث مع صحيفة "فلسطين" يوضح أن المعركة مع الاحتلال في القدس تشتمل على ابعاد كثيرة تتعلق بتهويد المعالم الاسلامية وسرقة التراث والصراع الديمغرافي باعتباره حجر الزاوية في السيطرة البشرية على القدس.

وينبه إلى أن الاحتلال يجلب المستوطنين من غربي القدس الى شرقها للسيطرة على المدينة، في ضوء تصعيد وتيرة تهجير الأهالي هناك تحت ذرائع واهية، علاوة على ارهاقهم بالضرائب ومنعهم من ترميم منازلهم او البناء عليها.

ويشير إلى أن الاحتلال يمنع المقدسيين من اعادة بناء بيوتهم أو التعمير فيه، ويهدد المخالفين بدفع الغرامات المالية وهدم البيوت، مثلما حدث مع الخبير المقدسي جمال عمرو، معتبرا أن حالة الصمت العربي والدولي ساعدت في تنفيذ الاحتلال لمخططاته.

بهذا المعنى، "المسجد الأقصى يعيش في حالة من الخطر الشديد، وهو الأمر الذي يستدعي من الأمتين الإسلامية والعربية والقادة والشعوب التحرك بطريقة جدية وبمسؤولية دينية وتاريخية لإنقاذ المسجد الأقصى من مخططات الاحتلال"؛ يؤكد شويكي.

ويختم بشأن ما تقدمه المؤسسات المقدسية، قائلا: "هي جزء من الحالة المقدسية، وكل مؤسسة تقوم بواجبها وفق إمكانياتها وقدراتها، على الرغم من أن الاحتلال يستهدف كافة المؤسسات المقدسية كجزء من برنامجه الهادف إلى تهويد المدينة المقدسة".

ضمن ملحق تصدره صحيفة فلسطين حول أهم أحداث 2016 فلسطينيًا