حتى وإن لم يربط ناصر القدوة استقالته من اللجنة المركزية لحركة فتح، بعد اجتماعات المجلس الانفصالي مؤخرًا، بالعقوبات المفروضة من قِبل رئاسة السلطة على قطاع غزة، إلا أن هذه الاستقالة شكلت مؤشراً على أن هذه العقوبات تدلل على وجود خلل كبير في الحركة، كما يقول محللان سياسيان.
وكان القدوة الذي يرأس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات، طالب بالفصل ما بين المصالحة والأوضاع والاحتياجات الإنسانية والمعيشية في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن موقفه واضح منذ البداية، بضرورة تحمل مسؤولية القطاع كاملًا. كما طالب بعقد مجلس وطني جديد.
وبرزت مواقف متضاربة بين قيادات حركة فتح خلال أعمال المجلس الانفصالي، وما بعده، حول جدوى العقوبات المفروضة على قطاع غزة والتي طالت موظفي السلطة وأبناء حركة فتح بالخصم من رواتبهم قبل احتجازها.
وإذ يرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أن حركة فتح من الممكن أن تستوعب خلافات أصعب من اختلاف المواقف حول جدوى فرض العقوبات من عدمه، فإنه يؤكد أن الاختلاف بين قياديي الحركة حول جدوى هذه العقوبات "مؤسف إلى حد كبير"، وسيتبعه تداعيات سلبية على الحركة.
وقال عوكل لـ"فلسطين"، "بعض المحرضين على اتخاذ هذه الإجراءات (العقابية)، يعتقدون أنها يمكن أن تؤدي إلى تقريب المصالحة وفرض شروط أفضل على حركة حماس"، مشيرًا إلى أن آخرين من حركة فتح يختلفون مع وجهة النظر هذه.
ورأى في العقوبات المفروضة على غزة، ووجهة النظر التي تؤيدها "خرق للقانون وللمسؤولية الوطنية".
وفرض رئيس السلطة محمود عباس في مارس/ آذار لعام 2017، سلسلة إجراءات عقابية تضمنت خصومات على رواتب موظفي السلطة بغزة، ومن ثم احتجازها، وإجراءات أخرى سببت تداعيات خطيرة على الأوضاع الإنسانية في القطاع المحاصر إسرائيليًا منذ قرابة 12 سنة مضت.
ورجح عوكل، احتمالية تصاعد الحركة الاحتجاجية من قِبل حركة فتح بغزة ضد قرارات حكومة المقاطعة، وسيخدم ذلك بصورة أو أخرى التيار الإصلاحي الديمقراطي في الحركة الذي يقوده القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان المقيم خارج قطاع غزة، بإمكانية توسع دائرة الانضمام إلى التيار أكثر فأكثر.
فيما يقول الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله، إن السلطة تعتقد أن العقوبات ووقف المال عن قطاع غزة، يشكل الضاغط الأبرز على حركة حماس لتقديم تنازلات تتعلق بملف المصالحة.
ولفت عطا الله الأنظار إلى أن العقوبات المفروضة منذ ما يزيد عن عام كامل، لم تحقق شيئًا بعد فيما بشأن المصالحة.
وأضاف لصحيفة "فلسطين"، "السلطة تعتقد أنه كلما كان هناك ضغط، كلما قدمت حركة حماس تنازلات (في ملف المصالحة)".
وكانت حركة حماس أعلنت في أكثر من مناسبة أنها التزمت بتنفيذ ما جاء في اتفاق المصالحة.
وتعثر تقدم اتفاق المصالحة الموقع بين حركتي حماس وفتح بالعاصمة المصرية القاهرة في أكتوبر/ تشرين أول 2017، رغم الجدول الزمني الذي تابعه الوسيط المصري وخاض جولات مكوكية بين غزة والضفة لم تؤدي في النهاية إلى مبادرة حكومة المقاطعة بتولي مسؤولياتها في القطاع التي يرزح تحت وطأة العقوبات والحصار.

