على ضفاف يوم الاثنين 14 -5، تلتقي روافد جملة من الأحداث الجسام، والتي ستنعكس بتداعياتها على مجمل القضية الفلسطينية، ففي الوقت الذي يحيي الشعب الفلسطيني بغضب بالغ ذكرى نكبته وترحيله عن بلاده، يحيي الصهاينة بغرور كبير ذكرى اغتصابهم فلسطين، وفرحهم بقيام دولتهم، وفي اليوم الذي يثور فيه الشعب الفلسطيني ضد أمريكا والصهاينة لنقلهم مقر السفارة الأمريكية إلى القدس، بكل صلف وتجبر، يتواقح الصهاينة باحتفالات إعلامية كبيرة وكلمات موجعة تستفز شعب فلسطين وشعوب الأمة العربية والإسلامية.
مفارقات تبعث على التساؤل عن المدى الذي قد تصل إليه الأحداث في ذلك اليوم المميز من التاريخ الفلسطيني الحديث، احداث قد تتطور بشكل طبيعي من رفض وهتاف واعتراض للعدوان الصهيوني على المقدسات إلى مواجهات لا يمكن تقدير أبعادها، ولاسيما أن المشاعر الوطنية والدينية والأخلاقية لدى الشعب الفلسطيني في القدس وغزة والضفة الغربية ستكون في قمة الوجع والانفعال والتوتر والشعور بالألم.
يوم الاثنين تبدأ مسيرات العودة منذ الصباح، مئات آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة يتوجهون إلى خطوط الهدنة لسنة 48، مئات ألاف الشباب الفلسطيني والصبايا يستعدون لمفاجآت لم تخطر في بال عدوهم، سلاحهم الإرادة، ووجهتهم الأرض المغتصبة، ومطلبهم العودة، فإذا ترافق كل ما سبق مع درجة التوتر التي ستشعلها عملية نقل السفارة الأمريكية إلى القدس العربية، فإن تقدير حجم الغضب لا يحد، ولا سيما إذا بدأ أهل القدس غضبتهم مبكراً، وهم الذين لا ينامون على ضيم، وما تعودوا الخنوع.
يوم الاثنين ستهب القدس رافضة لظلم الاغتصاب، ستتوحد مع غزة وهي تقتحم خطوط الهدنة بقوة ومضاء، ليمد الجميع يده إلى أبطال الضفة الغربية ورجالها، الذين سيتوحدون بمشاعرهم الوطنية والدينية مع أهلهم، وينطلقون كتاريخهم المقاوم إلى المسيرات والمواجهات التي بدأت إرهاصاتها، وبدأ العدو الإسرائيلي يحسب لها ألف حساب، فراح ينشر كتائبه العسكرية والشرطية حول مدن الضفة الغربية وقراها تحسباً، فإذا توحد كل هذا الجهد مع حراك إخواننا الفلسطينيين المزروعون في تراب الوطن منذ 48، فذلك يعني أننا أما مشهد فلسطيني يضم الملايين في انتفاضة العودة والكرامة.
يوم الاثنين سيكبر مخيم العودة الذي أقامه رجال الأردن ولبنان على الحدود الزائلة، وسيكبر الغضب الشعبي العربي والإسلامي حين تتألق مسيرات العودة في تفجير مفاجآتها، لينتقل هذا الحراك الغاضب من غزة والقدس والضفة الغربية إلى الأردن، ومنها إلى كل عواصم الدول العربية والإسلامية الرافضة لاغتصاب القدس، المدينة التي لما تزل تنادي على أصحابها، ألا هبوا، اغضبوا، ثوروا، ولا تهنوا، والنصر حليف الأقوياء.